| 18 أيار 2024 | 10 ذو القعدة 1445 هـجرية
  
  
  
الفجر
04:44
الشروق
06:10
الظهر
12:40
العصر
04:17
المغرب
07:10
العشاء
08:31
الخميس - 01 كانون ثاني
0/0
الخميس - 01 كانون ثاني
0/0
الخميس - 01 كانون ثاني
0/0
الخميس - 01 كانون ثاني
0/0
الخميس - 01 كانون ثاني
0/0

صِبا.. وجه الملاك الذي انطفأت برحيله زينة رمضان

  2019/05/05   20:43
   غزة - خاص رواق
شارك الخبر مع أصدقائك
طباعة
أضف تعقيب

صلّت الجدة العصر وجرّت كرسيها البلاستيكي من داخل منزل ابنها محمود، وكعادتهم لحقها أحفادها ليقضوا ساعات ربيعية في حديقة منزلهم بحي الزيتون وسط مدينة غزة، نادت الجدة على زوجة ابنها: "هاتي لي رفيف وصِبا وتعالوا اجلسوا هنا"،،،.
التّم الجميع وبدأ الكبار بتبادل الحديث وتناول المسلّيات، والصغار من حولهم يمرحون ويلعبون وهم يسابقون لحظات غروب الشمس آملين أن تطول ساعات ما قبلها ليبقوا في الخارج أكثر.

بديع جو الربيعي أطال الجلسات العائلية أمام فناء المنزل، ووّد الجميع البقاء ليتسامروا ويمتعوا أنظارهم بزينة وأضواء رمضان من حولهم، وفجأة أنارت الدنيا من حولهم، لكن ذلك النور كان ذات صوت مرعب، لم تكن أضواء استقبال شهر الخير، ولم تكن ذات أصوات الألعاب النارية، بل كان له صوت صفير، وبلمح البصر انفضّت الجلسة وتناثرت الأشلاء، إذ كان ذلك صاروخًا إسرائيليًا غادرًا.

أصاب الصاروخ من أصاب، ارتطم جسد الرضيعة بالأرض وأصيبت وشقيقتها وأمها وجدتها وزوجة عمها، أما والدها فصُعق بعد الضربة بلحظات وإذ بالجميع من حوله متناثرين ملطخين بالدماء، صرخ مصدومًا متمنيًا لو أن هذا كابوس عليه أن يستفيق منه.

واستشهدت  الرضيعة "صِبا محمود أبو عرار (عام وشهرين) وزوجة عمها الحامل فلسطين أبو عرار، وأصيبت والدتها وشقيقتها رفيف (3 أعوام) في قصف إسرائيلي لفناء منزلهم بحي الزيتون في مدينة غزة مساء السبت.

وشنت طائرات حربية إسرائيلية سلسلة غارات على مواقع مناطق فلسطينية في قطاع غزة جلّها عمارات سكنية ومنازل تأوي مدنيين عزل أمنين، في عدوان جديد وتصعيد مستمر لليوم الثاني، أدى لاستشهاد 10 مواطنين وإصابة 90 مواطنًا بجراح مختلفة.

ما الذي حدث!
اخترقت الشظايا جسد صِبا وأصبحت الدماء تسيل من كل مكان فيه،، كانت والدتها قبل دقائق قد قالت لجدتها: "سأقوم لاستبدال حفاظة صِبا وأنيّمها هي وأخواتها"، لكن صِبا نامت وقَرت عيناها دون أن تلامس أمها وتداعبها قبل أن تنام، ارتقت روحها البريئة تشتكي حرمانها من والدتها التي راحت في غيبوبة داخل المستشفى بعد إصابتها بيدها ورؤيتها لطفلتها ممزقة.

وروى محمود أبو عرار والد الطفلة صِبا لموقع "رِواق" تفاصيل استهداف منزله بطائرات الاحتلال الإسرائيلي، وقال: "كنا نجلس كعادتنا أمام البيت خاصة بعد العصر أو المغرب، جلست زوجتي وسلفتها وأمي وبناتي الخمسة، بعدت عنهم لحظات أقضي مشوار، وما هي لحظات إلا وصوت قصف شديد أعادني للبيت".

أضاف مرتجفًا باكيًا "رجعت حتى لا تخاف بناتي من القصف، وما كنت أتصور أن الضربة من نصيبهّن، وجدت صِبا ورفيف مصابتان في الرأس والرقبة واليد، وزوجتي في يدها، وأمي أيضًا وزوجة أخي".

في المستشفى أعلنوا استشهاد الرضيعة صبا، أما شقيقتها رفيف قال والدها: "هي في حالة خطرة في قسم العناية المركزة من حينها، ولم يطمئننا أحد بشأنها حتى اللحظة".

وسائل إعلام أعلنت عن استشهاد والدة الرضيعة صبا، لكنها لم تكن هي الشهيدة فلسطين، وهنا أوضح والد الشهيدة قائلًا: "لا من استشهدت هي فلسطين أبو عرار وهي زوجة أخي وحامل، أما زوجتي فهي بخير أصيبت بيدها وغادرت المستشفى".


ودعّتها متأسفة على عيدٍ لم يأتِ
لكن "بخير" لم تكن سوى كلمة اعتيادية خرجت من فاه أب مكلوم مصدوم من حرقة الفقد، فأم صِبا ودّعتها وهي بحالة الصدمة، صامتة وقد صامت مبكرًا عن رمضان، لكن صومها كان أيضًا عن الكلام.

اعتذرت الأم وهي تقبّل رضيعتها مودعة إياها صباح اليوم الأحد وهمست في أذنها: "سامحيني ياماما، كنت أود أن أشتري لكِ لبسة العيد كما وعدت، كنت أريد أن تنامي في حضني أهزكِ حتى تغفي وترتاحي فأرتاح".

أردنا الحديث مع الأم لكن زوجها قال: بعد محاولات: "إنها لا تستطيع النطق بكلمة واحدة، هي ودعتها حتى وهي مصدومة صامتة".
قبل أن تتحول الفرحة باستقبال شهر رمضان المبارك إلى أطراحِ وعزاء، كان والد صِبا قد أحضر زينة ومأكولات الشهر، أما الأم فجهّزت برفقة صغيراتها الخمسة بعض الفوانيس التي صنعتها من الورق وألصقتها على أبواب المنزل.

يصف الأب المكلوم تلك اللحظات بعد أن أصبحت من الماضي: "عن أي رمضان نقول، قتلوا صبا وهي كل شيء وقتلوا فرحتنا بكل شيء".

تابع بحرقة: "طلبت مني أمها أن أعطيها لتشتري للبنات كسوة العيد مبكرًا قبل ازدحام الأسواق، ونويت والله لأفرح بناتي، نويت كل شيء، تحدثنا وجهزنا حالنا لكل شيء".

استدرك مدمع العينين: "لكن ماذا نفعل هذا نصيبنا أن نموت في عز الحياة وننحرم من الفرح في عز الفرح، حسبنا الله ونعم الوكيل".

أسدلت ستائر الفرح وفُتح بيت العزاء وأطفئت أضواء رمضان بغُبار الصواريخ في منزل الشهيدة صبا كما باقي حال أهل غزة في ظل العدوان، أما والدة صبا فهي الأن تستعد بكل حزن لاستقبال مولودها الذي تحمله في أحشائها ليعوضها فقد رضيعتها.
أما والدها فوجه رسالته للعالم وأصحاب الضمائر الحيّة، يريد منهم جوابًا: "ماذا أذنبت صِبا؟ لماذا قتلوها، لماذا استهدفوني وأنا مواطن بحالي لا أملك في هذه الحياة سوى عائلتي وأطفالي؟!"


من المهم التنويه أن موقع رِواق يحترم حقوق النشر ويبذل قصارى جهده لتحديد أصحاب الحقوق في المنشورات او الصور ومقاطع الفيديو أو غيره مما يصل الينا، وفي حال أنكم وجدتم أن لكم صورة او فيديو او منشورا تمتلكون حقوقا فيه، فيرجى الاتصال بنا للتوقف عن استخدامها عبر الخاص في هذه الصفحة أو [email protected] حسب قانون 27 أ(סעיף 27א לחוק זכויות היוצרים)

لإضافة تعقيب الرجاء تعبئة البيانات

أضافة

التعليقات