| 03 تموز 2024 | 26 ذو الحجة 1445 هـجرية
  
  
  
الفجر
04:44
الشروق
06:10
الظهر
12:40
العصر
04:17
المغرب
07:10
العشاء
08:31
الخميس - 01 كانون ثاني
0/0
الخميس - 01 كانون ثاني
0/0
الخميس - 01 كانون ثاني
0/0
الخميس - 01 كانون ثاني
0/0
الخميس - 01 كانون ثاني
0/0

محمد مرسي.. مهمة خاصة

  2019/06/18   09:52
   صالح لطفي - باحث ومحلل سياسي
شارك الخبر مع أصدقائك
طباعة
أضف تعقيب

فاضت روح الرئيس المصري الشهيد المختطف محمد مرسي أمس في ظل ظروف غامضة لا تتوافر المعلومات فيها إلا من جهة واحدة مشكوك في نزاهتها هي المؤسسة المصرية الرسمية على اختلاف وظائفها حين زعمت أنه توفي بالسكتة القلبية بعد أن طلب الحديث أمام القاضي وفقا للمعلومات التي رشحت من الاعلام المصري الرسمي فيما تحفظت النائب العام على كاميرات المحكمة التي تواجد فيها الرئيس المختطف الشهيد.

الرئيس المخطوف محمد مرسي، عانى من الاهمال الصحي منذ لحظة اختطافه ووضعه في السجن الانفرادي عام 2013 والى لحظة وفاته يوم الاثنين 17-6-2019، وقد أشار كما كشفت عديد وسائل الاعلام العربية والاجنبية أثناء محاكمته يوم السابع من مايوآيار من هذا العام إلى أنّ حياته في خطر وفي جلسة وفاته أمس طلب من القاضي الحديث للإفصاح عن أمر قيل في محادثاته الاعلامية أنه يتعلق بتعرضه لأمر يهدد حياته وأنه يتعرض للخطر لكنْ القاضي لم يمنحه تلك الفرصة. هذا كله يضاف إلى حقيقة أشارت إليها النيابة المصرية أمس من أن الرجل أغمي عليه ونقل إلى المستشفى لتتأكد وفاته هناك مما يثير عديد الأسئلة التي من أهمها أن احتمال اغتياله في تلكم اللحظات وهو في طريقه إلى المستشفى قوية جدا.

في هذا السياق سيأتي ذلك اليوم الذي سيكشف فيه عن تلكم الأخيرة التي عاشها الرئيس الشهيد فضلا عن سيرته منذ لحظة انتخابه إلى لحظة استشهاده.

استشهاد الرئيس لحظة تحول في نهر التحولات..
منذ اختطاف منجز الشعب المصري وثورته العظمى والتحولات الجارية في منطقة الشرق الأوسط لصالح التغريب والتصهين وإعادة تقسيم المنطقة لنهب ثروتها لم تتوقف بل وماضية بقوة وما صفقة القرن إلا من إفرازات الثورة المضادة وكأنهم في سباق مع الزمن تحسبا من أن يغتالهم الوقت وعندئذ لا حين مناص، مما يؤكد أهمية الثورة المصرية ودور مصر في المنطقة، وأهمية انتخاب الرئيس الشهيد محمد مرسي وأهمية الدور الذي كان متوقعا من الرئيس مرسي وجماعة الاخوان وهو ما كان يتحسبَّ منه رجالات الثورة المضادة والدولة العميقة والصليبية الدولية وإسرائيل.

الرئيس محمد مرسي تم انتخابه بانتخابات ديموقراطية، وفور انتخابه شرعت الدولة العميقة ممثلة بالعسكر والاعلام ورأس المال ومن يدور في فلكهم بالتخطيط للإطاحة به وإبادة جماعة الاخوان المسلمين التي كانت قد كشفت عن معالم قوتها الداخلية في مصر، ولقد حملت مسيرته في الحكم والتي امتدت لعام واحد فقط الكثير من الأزمات المفتعلة التي تكشفت خيوطها في السنوات الثلاثة الأخيرة بل وتكَشفت أدوار بعض الدول العربية وإسرائيل وكيف تم الاطاحة بالرئيس واستهداف الجماعة وفق خطة مدروسة دبرت بليل في دهاليز الجيش والمخابرات العسكرية تماما كما حملت تلك السنة التي حكمها أمال عريضة لخروج مصر من ارتهانها للغرب ولإسرائيل وهذا بشهادة العديد ممن عارضوه سياسيا ومضَّوا في طريق السيسي وهالهم دور الرجل التأمري ليس على الاخوان والشهيد الرئيس بل على مصر ومقدراتها.

في تصوري فإنّ هذه السنة التي حكم فيها مرسي من واجب جماعة الاخوان المسلمين وحزب الحرية والعدالة ومن شارك معه في الحكم ممن هم خارج أسوار السجون السيسية تسجيل هذه المرحلة المهمة جدا في تاريخ مصر بكل تفاصيلها الدقيقة، ذلك أن استشهاد الرئيس في سجون العسكر والدولة العميقة لحظة فارقة ليس في تاريخ مصر فحسب بل في تاريخ هذه الامة التي يُعمل على إبقائها تحت بيادات العسكر والفسقة والطواغيت. ومقتل هذا الرجل يحمل في ثناياه الكثير من التطورات التي ستمضي حينا لا تلحظها مخابرات الدولة العميقة ولا مراكز الابحاث التابعة لها، وستفاجئ تلكم التطورات الجميع حين ثورتها لأنها ستكون كالبركان والزلزال، إذ من نُظُمِ العدالة وقوانينها تشير إلى أن الظلم لا يدوم وأن انهياره يكون عادة في لحظات جبروته وعنفوانه في حين أن سنن دماره عادة ما تكون داخلية تفعل فيه ببطيء كحال الماء مع الصخر الصلد.

هذا إلى جانب أن مرحلة العام التي تولاها هذا العالم الرئيس الشهيد المظلوم ستشكل بدايات حقيقية دقيقة لفهم خيوط المؤامرات على مصر شعبا وأرضا وحضارة ولفهم الحرب التي شنت على مرسي وعلى جماعة الاخوان واستعملت فيها بيادق كثيرة للإطاحة بالإخوان في مصر والعالم وكان أول هذه البيادق بعض المكونات الإسلامية من مثل التيار السلفي الجامي وفرق صوفية بعينها وعلماء سلاطين ومن تركوا الخط الإخواني ووجدوها لحظة انتقام إلى جانب العلمانية الاقصائية والعلمانية الاستبدادية الفاجرة.

الاستشهاد حلقة تقرب من التمكين
لا يشك أحد من المؤمنين بالمشروع الإسلامي أن الابتلاءات أساس من أسس التمحيص لتحقيق التمكين وأنه ليس بِشَرِّ بل في ثناياه خير كثير إذ لطالما كشفت لحظات العسرة في تاريخ التنظيمات السياسية عن معادن الرجال وأنارت لهم الطريق مع عظيم التضحيات وما الثورة البوليفية والجزائرية إلا غيض من فيض تلكم الصيرورات.

إنَّ استشهاد العالم العابد الرئيس المحتسب محمد مرسي فرصة للجماعة للانطلاق من جديد بعد إذ حاصرتها في السنوات الأخيرة عديد الدول والهيئات ولاحقتها قتلا وتشريدا وتفكيكا ومعلوم أن الضربة التي لا تقسم الظهر تقويه وإذا كانت الجماعة قد خرجت من كافة الابتلاءات السابقة عزيزة الجانب فهي اليوم في ابتلاء من نوع اخر، إنه ابتلاء التمكين، والتمكين مزيج من السياسة والأخلاق وما استشهاد العبد الصالح الرئيس محمد مرسي إلا فصل من فصول التمكين القادم إذ لا تمكين بدون ابتلاء وأعظم الابتلاء ما كان في شؤون السياسة والحكم والصبر عليه إذ الانقلابات “الدامية” وقتل المخلصين من قبل الفاسدين سبيل الفئات الباغية وفي تاريخنا الإسلامي الطويل ما يفيض من الأمثلة على ما أذهب إليه.

الرئيس محمد مرسي كان الرئيس الأول المنتخب ديموقراطيا في مصر وفي ذلك العام شهدت مصر أكبر انفتاح إعلامي في تاريخها وقد كثرت البرامج التي تطاولت عليه ولعبت دورا “ما” بتحريض الدهماء عليه والاطاحة به ولقد تواطأت عليه أطراف أجنبية وعربية عديدة منها على سبيل المثال لا الحصر الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة والسعودية والإمارات وإيران وسوريا وإسرائيل وهذا الحجم من المتناقضات يكشف عن بعض التكالب الدولي يوم يتفق على منع جماعة سنية وسطية من أن تحكم ولو باسم الديموقراطية والتعددية ولا يشك أحد قط أن المستفيد الأكبر من الاطاحة بهذا الرئيس الذي أوقف حرب الاحتلال على غزة عام 2012 والذي أعلن بوضوح موقف مصر الرافض لحرب بشار الأسد ومن معه على الشعب السوري هي إسرائيل والمكونات الشيعية الاصولية-المتفرسة التي تتغلغل اليوم في مصر وسوريا وتموضعت نهائيا في العراق .

لقد سعى الرئيس الشهيد للاستقلال الاقتصادي والسياسي وإخراج مصر من تيه المديونية والتبعية وإعادة مكانتها كقائد أساس وموجه للأمتين العربية والإسلامية وهو ما سعت أوروبا والولايات المتحدة للحيلولة دون تنفيذه خاصة وأن معظم الدراسات الرصينة توقعت أن تخرج مصر من أزماتها خلال أقل من عشرة أعوام وفقا للمخططات التي رسمها وحكومته.

محاكمة مرسي .. محاكمة لشعب
لقد كانت محاكمة مرسي في الحقيقة محاكمة للشعب المصري الذي خرج وأسقط مبارك ووقف أمام الفئة الفاسدة وليست محاكمة للرئيس المنتخب وللإخوان فحسب، وهي رسالة بالعصا الغليظة للمصريين وقد كشفت الأحداث منذ اختطاف الرئيس ومرورا بمذبحة رابعة عن وجود 60 ألف معتقل من الاخوان وسقوط 800 شهيد حتى اللحظة في سجون السيسي قائد الاختطاف والانقلاب العسكري فضلا عن استشهاد عشرة من قيادة الجماعة في سجون السيسي الذي صرحت قياداته الممثلة للدولة العميقة أنها ستعمل على إبادة هذه الجماعة مستفيدين من كم الكراهية الهائل للإخوان من طرف الناصريين والعلمانيين والوسط الفني الفاسق-الفاجر ومستفيدين من الدعم غير المحدود من الغرب “الحكومات” الذي غطى على جرائمهم المختلفة أي كانت ما داموا يقتلون الاخوان المسلمين، ومستفيدين من عديد الخبراء المصريين والعرب والغرب الذين فككوا جماعة الاخوان داخليا وتعرفوا على نقاط قوتها وضعفها في الداخل المصري والعربي والاقليمي.

محمد مرسي.. مهمة خاصة
لقد كان الدكتور محمد مرسي في مهمة خاصة مدتها في سياق الأقدار عام واحد هدفت للكشف عن مكامن القوة والضعف في جماعة نادت بالعالمية والاستاذية وتريد أن تقود أكبر دولة عربية لعبت دورا عالميا منذ عصر محمد علي باشا في المنطقة وهي الاكثر تأثيرا إذا ما قادها مخلصون وهذا ما دفع الصليبية العالمية للحيلولة دون استقلالها منذ العصر الخديوي إلى هذه اللحظات.

لقد كانت فترة مرسي القصيرة جدا فترة شاذة في تاريخ طويل تحسبت منها الصليبية-اليهودية العالمية التي أشربت الارض العربية والاسلامية بعجول التبعية وبخصوص الحالة المصرية بأجيال شاردة ونخب تتبعها حذو القذة بالقذة وقد نفذت مهمة اغتياله تنفيذا دقيقا.

لقد كانت مهمته الخاصة والتي دامت عاما واحدا فقط مهمة جدا للكشف عن مصر ولا أبالغ إذا قلت إنها كانت كافية لتسجيل مسح دقيق للحالة السياسية –الدينية في مصر: للجماعات وللقيادات وللنخب وللسكان لتتم معرفة عن أي مصر نتحدث وهل بالإمكان فعلا أن تكون مصر القائد المستقبلي لهذه الامة.

كما كشف هذا العام عن وزن القيادات السياسية والدينية والمجتمعية والاقتصادية وعن مكانة السياسة والعمل السياسي بين المصريين تماما كما كشفت عن حجم ووزن الإسلاميين في مصر وحجم ونوع العلاقات بينهم وحجم اخلاصهم لمصر وعن نوايا المخالفين للإخوان كما كشفت عن أنانية التيارات الإسلامية ومدى وهنها الداخلي وأن بعضها أوهن من خيوط العنكبوت. هذا كله إلى جانب تعرية العلمانية المصرية بكل مكوناتها وكشف الغث من السمين فيها فضلا عن كشف حجم الكراهية التي يكنها هؤلاء للإخوان وللإسلاميين وللدين ومدى استعدادهم للتواطيء مع العسكر وإسرائيل وأمريكا وتسليم بلادهم ومستقبلها لهذه الطغم على أن لا يتولاها التيار الاسلامي، كما كشفت هذه السنة عن حقيقة موقفهم من الديموقراطية التي طالما صدعوا رؤوسنا بها.

الرئيس الشهيد محمد مرسي كان قدرا من أقدار المولى جاء في الزمن الصعب ووضع النقاط على الحروف وقال لكل إسلامي: لا تنازل عن الثوابت مهما كانت الاثمان.


من المهم التنويه أن موقع رِواق يحترم حقوق النشر ويبذل قصارى جهده لتحديد أصحاب الحقوق في المنشورات او الصور ومقاطع الفيديو أو غيره مما يصل الينا، وفي حال أنكم وجدتم أن لكم صورة او فيديو او منشورا تمتلكون حقوقا فيه، فيرجى الاتصال بنا للتوقف عن استخدامها عبر الخاص في هذه الصفحة أو [email protected] حسب قانون 27 أ(סעיף 27א לחוק זכויות היוצרים)

لإضافة تعقيب الرجاء تعبئة البيانات

أضافة

التعليقات

  1. رحمة الله على مرسي مات مظلوماً. رئيس خسرته مصر والأمة قبل ان تخسره أي جماعة أو حزب. رغم اختلافي معه سياسيا، (مثلا: قطع العلاقات مع سوريا وإعلان الجهاد عليها ومحاولة زج بالجيش المصري بالحرب ضد سوريا.. سيسجل التاريخ، ان مرسي قطع العلاقات مع دولة عربية لم تعتدي على بلده قبل ان يقطعها مع إسرائيل.. ) اما ما يحسب له، فهي رغبته بتطوير مصر ورفع مستواها، فالرجل ضحى بمسيرة أكاديمية في امريكا، وتخلى عن رغد الحياة في امريكا ليعود لمصر الفقر والظلم، ليخدم شعبه بعلمه وبإخلاص وعدل. أيضا يحسب له، صموده المشرف في السجن، فلا شك انه تعرض لشتى أنواع الترهيب والترغيب والتعذيب، ولا شك تعرض لمحاولات تعذيب نفسي وجسدي. ولولا إيمانه القوي وثقته بربه وصدق قضيته، لأنهار عقله تحت وطأة الظلم الصارخ وألاعيب المخابرات وشياطين الأنس. لكن، حقيقة يبقى السؤال، كيف ضاع إنجاز الشعب المصري الجبار والنادر حين اطاح بمبارك.. ما المطلوب اكثر من الشعب، بعد إطاحة مبارك وإدخال مرسي للقصر وتسليمه أمانة إنجاز الثورة والقيادة؟ لما لم يستثمر مرسي الدعم الشعبي له ليطيح ببقايا الفساد، هل توقع ان تكون الطريق مفروشة بالورد؟ الا يتحمل مسؤولية في ضياع حلم ملايين، وشهداء سقطوا بالثورة ضد مبارك. رحمة الله عليه، أحببناه لكن يبدوا ان مكانه كان يصلح ان يكون رئيس ثاني أو ثالث بعد الثورة، لكن ليس الأول، ويشهد على ذلك الواقع والنتيجة فالعبرة بالخواتم.
    أبان
    22/06/2019