| 03 تموز 2024 | 26 ذو الحجة 1445 هـجرية
  
  
  
الفجر
04:44
الشروق
06:10
الظهر
12:40
العصر
04:17
المغرب
07:10
العشاء
08:31
الخميس - 01 كانون ثاني
0/0
الخميس - 01 كانون ثاني
0/0
الخميس - 01 كانون ثاني
0/0
الخميس - 01 كانون ثاني
0/0
الخميس - 01 كانون ثاني
0/0

أين وصلت الاحتجاجات الشعبيّة في الجزائر؟

  2019/03/09   10:24
   عبد الله كمال
شارك الخبر مع أصدقائك
طباعة
أضف تعقيب

تعيش الجزائر منذ إعلان الرئيس بوتفليقة ترشّحه لعهدة رئاسيّة خامسة، احتجاجات شعبيّة واسعة في مختلف أنحائها، إذ من المنتظر أن تخرج اليوم الجمعة مظاهرات حاشدة في عدّة مناطق حسب الدعوات التي تناقلتها وسائل التواصل الاجتماعيّ. وانطلقت هذه المظاهرات في 22 فبراير (شباط) الماضي، وسرعان ما توسّعت لتتحوّل إلى احتجاجات عارمة شارك فيها مئات الآلاف، وانضمّت إليها عدّة فئات وقطاعات شعبيّة وعمّالية مختلفة، لكن التطوّرات التي أسفرت عن هذه الاحتجاجات قد تهدّد بنية النظام نفسه الذي اعتمد على الشرعية الثوريّة منذ تأسيسه، وذلك بعد أن خرجت للعلن لأوّل مرّة، عدّة شخصيّات ومنظّمات ثوريّة شاركت في ثورة التحرير سنة 1954 ضد العهدة الخامسة.

الجامعة الجزائريّة هي الأخرى كانت في مقدّمة الحراك، وانتفضت ضد العهدة الخامسة وأصبحت تصنع الحدث بحِراكها الأسبوعي، والذي انضمّ إليه الأساتذة من خلال عدّة وقفات سلميّة داخل عدّة جامعات للأساتذة الجامعيين والدكاترة. وشهدت عدّة جامعات جزائريّة يوم الثلاثاء الماضي احتجاجات ومسيرات حاشدة في مختلف أرجاء الجزائر رافضًا للعهدة الخامسة ومطالبة بالتغيير، كما عرفت الكثير من الأقسام مقاطعة شاملة للدراسة، خصوصًا في العاصمة التي اجتمع طلاّب الكثير من جامعاتها وكلّياتها في وسط العاصمة يوم الثلاثاء 5 مارس (أيار) الماضي في مسيرة حاشدة شارك فيها الآلاف ونالت تغطية إعلاميّة كبيرة.

انسحاب جماعي من الانتخابات.. والتحاق بالشّارع

الانتخابات الرئاسيّة المفترض إجراؤها في أبريل (نيسان) المقبل، والتي كان يرى فيها البعض مخرجًا من المأزق الذي تعيشه السُلطة، فقدت الكثير من مصداقيّتها، على الأقل بالنسبة للمرشّحين الذين انسحبوا بشكل جماعي، فبعد الكثير من الترقّب وحديث عن احتمال عدم ترشّح بوتفليقة الموجود في سويسرا للعلاج، قدّم مدير حملته عبد الغاني زعلان رسميًا ملفّ بوتفليقة للترشّح لانتخابات أبريل قبل ساعات قليلة من غلق باب الترشّح، وقد ترافق ذلك مع انسحاب كلّ من عبد الرزّاق مقري رئيس «حركة مجتمع السلم» وعلي بن فليس الوزير الأوّل السابق ورئيس حزب «طلائع الحريّات» وعبد العزيز بلعيد رئيس حزب «جبهة المستقبل»، كما جرى رفض ملفّ ترشّح المرشّح المستقلّ رشيد نكّاز من طرف المجلس الدستوري.

وإثر هذه التطوّرات، وبعد تأكّد ترشّح بوتفليقة رسميًّا للرئاسيّات المقبلة، انطلقت في اليوم الأخير لإيداع الملفّات في الثالث من مارس (آذار) الماضي بشكل مفاجئ مظاهرات ليليّة في عدّة مدن جزائريّة رافضة لهذا الترشّح، وتواصلت الاحتجاجات إلى ساعات متأخّرة من تلك الليلة.

وبعد هذه الانسحابات من طرف المرشّحين، لم يبقَ في المنافسة -لحدّ الساعة- سوى شخصيّتيْن بارزتيْن، هُما علي غديري، الجنرال المتقاعد منذ سنة 2015، وبوتفليقة المريض المتواجد في سويسرا. قد يبدو من الوهلة الأولى أنّ هذا سيعني أن الطريق معبّدة لوصول الجنرال السابق للرئاسة في ظلّ غياب المنافسين ومرض الرئيس بوتفليقة، لكن الأمور داخل حملته ليست على ما يرام، فلم تسلم هي نفسها من ارتدادات زلزال الشارع الجزائريّ.

إذ انسحب من فريقه رئيس حملته الانتخابيّة والعقل المدبّر داخلها، المحامي مقران آيت العربي، وأعلن انضمامه إلى الحِراك الشعبيّ، بالإضافة إلى رئيسة حزب «الاتحاد من أجل التغيير والرقيّ»، التي غادرت حملته هي الأخرى وأعلنت مقاطعتها الانتخابات الرئاسيّة وانضمامها إلى احتجاجات الشارع، وبانسحاب هاذين الاسميْن البارزين، تكون حملة الجنرال قد تلقّت أكبر ضربة موجعة لها منذ انطلاقها في بداية هذه السنة، وسط مطالبات شعبيّة بالانسحاب من السباق الرئاسيّ الذي يبدو محسومًا سلفًا، والالتحاق بالشارع.

على وقع غليان الشارع، اتّجهت العديد من الشخصيات إلى الانحياز إلى حراك الجماهيري، إذ شهدت الأيّام الماضية استقالات بالجُملة، وأخرى فرديّة في مختلف المؤسّسات السياسية للنظام الجزائري والدوائر القريبة منه، والتي مثّلت ضربات سياسيّة قويّة يتلقّاها النظام السياسي كلّ يوم على وقع تواصل الاحتجاجات الشعبيّة التي تعمّ الشارع الجزائري، فقد انسحب من البرلمان الجزائري 18 نائبًا عن حزب «جبهة القوى الاشتراكيّة» (مُعارض)، كما استقال ستّة مُنتخبين على الأقلّ عن حزب «جبهة التحرير الوطني» الحاكم، بالإضافة إلى الوزير السابق والنائب في البرلمان سيد احمد فرّوخي، وغادر ثلاثة رجال أعمال منتدى «رؤساء المؤسّسات» وهو أهم تنظيم يجمع رجال الأعمال القريبين من النظام الجزائري.

وقد اجتمعت المعارضة الجزائريّة ممثّلة في 15 حزبًا معارضًا وأربع نقابات و35 شخصيّة وطنيّة سياسيّة وأكّدوا في بيانهم الختامي «دعم ومرافقة الحراك من أجل تحقيق أهدافه الثورية الرامية للاستقلال»، كما أعلنوا رفضهم لأي شكل من أشكال التدخّل الأجنبي في الجزائر.

هل هي نهاية «الشرعية الثوريّة»؟

صحيح أنّ الاحتجاجات الشعبيّة قد انتشرت في كلّ المناطق والقطاعات كالنّار في الهشيم، لكن أقسى ضربة تلقّاها النظام الذي كثيرًا ما اعتمد على الشرعيّة الثوريّة أساسًا لحُكمه، وعلى دعم طبقة واسعة من المجاهدين والمناضلين في حرب التحرير الجزائريّة (1954-1962) المؤيّدين للرئيس بوتفليقة، كان إعلان الكثير من الشخصيّات الثوريّة التاريخيّة «انشقاقها» عن تأييد بوتفليقة، وخرجوا بشكل علنيّ ضد العهدة الخامسة وأعلنوا انحيازهم للحراك الشعبيّ.

من أبرز هذه الأسماء تظهر جميلة بوحيرد التي لم تكتفِ بتسجيل الموقف المُعارض لترشيح الرئيس المريض، بل خرجت إلى الشارع والتحقت بالمسيرات الشعبيّة في العاصمة، بالإضافة إلى لخضر بورقعة، القائد العسكري التاريخي في الحرب التحريريّة الذي وجّه رسالة لنائب وزير الدفاع الوطني، ودعاه للانحياز إلى الشعب الرافض للعهدة الخامسة حسب كلامه.

أيضًا كان من بين الأسماء الثوريّة التي أيّدت الحِراك الاحتجاجي أحد أبطال «معركة الجزائر» خلال فترة الحرب التحريريّة ياسف سعدي الذي أعلن رفضه للعهدة الخامسة، وهو نفس موقفه تجاه العهدة الرابعة سابقًا. قائمة الشخصيّات الثوريّة المعترضة على التمديد لبوتفليقة التي قد تؤشّر على وصول شعار «الشرعيّة الثوريّة» إلى نهايته تشمل عدّة شخصيّات بارزة، من بينها زهرة ظريف بيطاط ولويزة إيغيل أحريز وغيرهما.

حتى الأسماء التي كانت قريبة من النظام الجزائري وشغلت حتى وقت قريب مسؤوليّات عُليا خرجت رافضة للعهدة الخامسة، أبرز هذه الأسماء هو دحو ولد قابلية، المناضل في حرب التحرير ووزير الداخلية السابق لغاية سنة 2012. بالإضافة إلى «المنظّمة الوطنيّة للمجاهدين»، وهي أكبر منظّمة تجمع مُقاتلي ومناضلي حرب التحرير، التي أصدرت بيانًا تدعم فيه الحراك الشعبي ضد العهدة الخامسة.

 

طوفان الاحتجاجات ضد العهدة الخامسة للرئيس بوتفليقة المنتهية ولايته يتوسّع كلّ يوم ويصل إلى قطاعات ومساحات جديدة، ولم يكن جهاز القضاء في منأى عنه، فقد شهد الأسبوع الماضي عدّة وقفات للمحامين بالجُبّة السوداء أمام المحاكم والمجالس القضائيّة، وحملوا شعارات معارضة للعهدة الخامسة ومطالبة بالتغيير، كما كانت أبرز خطوة يتّخذها المحامون تنظيم مسيرة باتجاه «المجلس الدستوري»، وهي الهيئة المسؤولة عن دراسة ملفّات المترشّحين والفصل فيها، إذ طالبوه بعدم قبول ملفّ الرئيس بوتفليقة الذي شهدت حالته الصحيّة تدهورًا شديدًا، وأكّدوا أنّ ترشّح الرئيس المريض مخالف للدستور في مادّته 102 والمادة 28 من النظام الداخلي للمجلس الدستوري التي تشير إلى أنّ على المرشّح إيداع ملفّ ترشّحه بنفسه، وهو الأمر الذي لم يفعله بوتفليقة المتواجد في سويسرا للعلاج.

وبالحديث عن الحالة الصحيّة للرئيس بوتفليقة، فقد نقلت وسائل إعلام سويسريّة أنّ وضعه الصحي يتطلّب «رعاية مستمرّة» وأنّ حياته «تحت تهديد دائم»، كما أشارت صحيفة «لاتريبون دو جنيف» إلى أنّه يعاني من فقدان جزئي للقدرة على الكلام، رغم أنّه يستطيع فهم ما يقال له. وأكّدت الصحيفة بأن بوتفليقة لا يزال يتواجد في المستشفى السويسري لتلقّي العلاج بعد إشاعات عن عودته إلى الجزائر، وأشارت الصحافة إلى أنّ هناك احتمالية لعودة بوتفليقة إلى الجزائر نهاية هذا الأسبوع.

 

قائد الجيش يرسل رسائل متضاربة ويتمسّك ببوتفليقة

وسط الاحتجاجات الحاشدة التي يشهدها الشارع الجزائريّ، تحاول السلطة احتواء هذا الحراك من خلال رسائل منسوبة إلى الرئيس بوتفليقة، والتي يرى الكثير من المتابعين أنّ الرئيس لا عِلم له بمحتواها نظرًا لوضعه الصحيّ، إذ جاء في الرسالة الأخيرة المنسوبة إليه بمناسبة الاحتفال بعيد المرأة عبارات استعطافيّة للنساء، ودعاهنّ لـ«الحذر والحيطة من اختراق هذا التعبير السلمي من طرف أية فئة غادرة داخلية أو أجنبية التي، لا سمح الله، قد تؤدي إلى إثارة الفتنة وإشاعة الفوضى وما ينجر عنها من أزمات وويلات» حسب ما جاء في الرسالة.

ولعلّ أبرز رسالة من طرف السلطة منذ اندلاع الاحتجاجات في 22 فبراير (شباط) الماضي، كان ما جاء في الرسالة المنسوبة إلى الرئيس بوتفليقة، والتي قرأها مدير حملته إثر إيداعه لملف ترشّح الرئيس المتواجد في سويسرا للعلاج، إذ جاءت فيها وعود بـ«تغيير النظام» ووعد بـ«إنشاء آلية مستقلة تتولى دون سواها تنظيم الانتخابات» بالإضافة إلى الوعد الأبرز الذي تمثّل في تنظيم انتخابات مُسبقة بعد انتخابه، لن يكون مرشّحًا فيها.

لكن الرسائل التي أثارت ردود أفعال المراقبين واهتمامهم أكثر من الرسائل المنسوبة للرئيس، كانت تلك التي يقرؤها نائب وزير الدفاع الوطني والقائد العام للقوات المسلّحة الفريق أحمد قايد صالح، إذ ظهر فيها متمسّكًا بشرعية الرئيس بوتفليقة، وأشار إلى أنّ «بعض الأطرف تدفع بالشعب الجزائري نحو المجهول من خلال النداءات المشبوهة ظاهرها التغني بالديمقراطية وباطنها جر هؤلاء المغرر بهم إلى مسالك غير آمنة وغير مأمونة العواقب».

كما قال في رسالة أخرى أنّ «الشعب الجزائري الذي عايش سنوات الجمر (في إشارة للعشرية السوداء) كل أشكال المعاناة وقدّم خلالها ثمنًا غاليًا، لا يمكنه بأي حال من الأحوال أن يفرّط في نعمة الأمن وراحة البال». وأضاف: «إن الشعب الذي أفشل الإرهاب وأبطل مخططاته هو نفسه مطالب اليوم في أي موقع كان أن يعرف كيف يتعامل مع ظروف وطنه وشعبه».

وكان «رئيس حركة مجتمع السلم» عبد الرزّاق مقري قد وجّه رسالة إلى الفريق قايد صالح، طالبه فيها بتوضيح موقفه إن كان خطابه منحازًا للشعب أم تهديد له، كما أضاف بأنّ «الخطر الوحيد على النظام العام وعلى استقرار البلد هو النظام السياسي، سواء الذي أنت جزء منه وتقوم الآن بحمايته، أو الذي تحاربه وتوجه له رسائلك بأساليبك غير المباشرة».
ويُنتظر أن تتواصل الاحتجاجات شعبيّة اليوم الجمعة، للأسبوع الثالث على التوالي في مختلف أنحاء الجزائر، كما شهدت مواقع التواصل الاجتماعيّ دعوات للعصيان المدني ولإضراب شامل مرتقب في الأسبوع القادم، ولذلك شهدت عدّة أسواق ومحلاّت تجاريّة توافد الكثير من العائلات من أجل اقتناء المواد الغذائيّة اللازمة تحسّبًا لإضراب مُحتمل وتفاديًا لنقص هذه المواد في الأيّام القادمة.

المصدر :ساسة بوست


من المهم التنويه أن موقع رِواق يحترم حقوق النشر ويبذل قصارى جهده لتحديد أصحاب الحقوق في المنشورات او الصور ومقاطع الفيديو أو غيره مما يصل الينا، وفي حال أنكم وجدتم أن لكم صورة او فيديو او منشورا تمتلكون حقوقا فيه، فيرجى الاتصال بنا للتوقف عن استخدامها عبر الخاص في هذه الصفحة أو [email protected] حسب قانون 27 أ(סעיף 27א לחוק זכויות היוצרים)

لإضافة تعقيب الرجاء تعبئة البيانات

أضافة

التعليقات