أسدل البرلمان الإسرائيلي (الكنيست) في دروته العشرين -التي انتهت بالإعلان عن انتخابات مبكرة في التاسع من أبريل/نيسان المقبل- الستار على رزم تشريعات وصفت بالعنصرية والتمييزية، تستهدف الوجود الفلسطيني على جانبي الخط الأخضر وتكرس يهودية الدولة والمشروع الصهيوني في فلسطين التاريخية.
وقد سابقت حكومة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو -في ولايتها الرابعة التي بدأت صيف 2015 وحتى الدورة الشتوية في نهاية 2018- الزمن في تشريع قوانين اعتبرت عنصرية، تنتهك حقوق الفلسطينيين في الداخل والضفة الغربية والقدس المحتلتين.
وشرّع الكنيست الحالي 185 قانونا، بينها 54 صودق عليها بالقراءة التمهيدية أو دخلت مسار التشريع، بحسب رصد المركز الفلسطيني للدراسات الإسرائيلية "مدار"، الذي أكد في تقريره أن هذا الأمر يعكس نهج معسكر اليمين الإسرائيلي لحسم الصراع مع الفلسطينيين وفقا لمشروع صهيوني يرى الفلسطينيين مجرّد مجموعات سكانية.
وفيما يتعلق بفلسطينيي 48 على وجه الخصوص، كان "قانون القومية" الأكثر عنصرية وتمييزا، كونه يتجاهل بشكل كامل وجود الأقلية الفلسطينية في البلاد كأقلية أصيلة ذات حقوق فردية وجماعية، ويمس بشكل صارخ ومباشر: الحق في تقرير المصير واللغة العربية وإحياء الثقافة والحضارة، وفيه تغيير للتاريخ واستبداله بالوجود والتاريخ اليهودي، ليضاف إلى قانون منع إحياء ذكرى النكبة، والولاء للدولة ورموزها اليهودية، وقانون المواطنة بتجديد أوامر الطوارئ التي تحظر لمّ الشمل للفلسطينيين.
تقرير المصير
وتوّج قانون القومية -الذي يرى مراقبون أنه يهدف في جوهره إلى تقويض حل الدولتين وفرض المشروع الصهيوني الاستيطاني في فلسطين التاريخية- التشريعات العنصرية، إذ يحرم الشعب الفلسطيني من حق تقرير المصير الوطني، ويجعل هذا الحق حصريا لليهود، وقد سبقته قوانين تقزم مواطنة الفلسطينيين في إسرائيل وتحاصر حقوقهم الجماعية وخاصة في مليكة الأرض والحق باستخدامها، وحرية التعبير والتنظيم، والحقوق المدنية وتهديد الحيز السياسي.
ويرى المستشار القانوني لجمعية حقوق المواطن في إسرائيل المحامي دان ياكير، أن 2018 كانت سنة تمييز وعنصرية بامتياز، إذ رسخت الحكومة الإسرائيلية التمييز والإجحاف وقوضت الديمقراطية عبر تشريعات عنصرية أثرت بشكل كبير على الحيز العام في البلاد، علما بأن هذه القوانين تمس بشكل واضح ومباشر حقوق المواطنين العرب كأفراد، وكأقلية أصيلة، وكذلك حرية التعبير عن الرأي وأسس النظام الديمقراطي.
وأوضح ياكير -في ورقة تقدير موقف تلقت الجزيرة نسخة منه- أن مختلف التشريعات تؤثر على الفلسطينيين على جانبي الخط الأخضر، وإن بدت للوهلة الأولى تستهدف العرب داخل البلاد. كما أنها تسهم في تقويض سلطة المحكمة العليا وتجعلها خاضعة لسلطة الحكومة، بما فيها من مس مباشر وخارق لمبدأ فصل السلطات الذي يعتمد عليه أي نظام ديمقراطي، إذ يلاحظ أيضا الإمعان في تشريع قوانين تفرض الهيمنة الإسرائيلية على الأراضي الفلسطينية المحتلة.
صراع وجود
من جانبه، يعتقد مدير مركز "عدالة" المحامي حسن جبارين أن مجمل التشريعات التي تستهدف فلسطينيي 48، لكنها تنتهك بشكل عام الحقوق الجماعية للشعب الفلسطيني، بحيث إن العقلية ذاتها والنهج ذاته يستخدم ضد الفلسطيني على جانبي الخط الأخضر، فالتمييز ظاهر ومباشر في جزء من القوانين، وفي جزء آخر يستخدم المشرعون لغة محايدة من أجل التستر على الأهداف والدوافع التمييزية من وراء هذه القوانين.
واستعرض جبارين -في دراسة تلخيصية عن التشريعات الإسرائيلية التي تنتهك حقوق الفلسطينيين، تلقت الجزيرة نت نسخة منها- القوانين التي شرعت وتستهدف الفلسطينيين على جانبي الخط الأخضر، وأبرزها قانون شرعنة المستوطنات في الضفة الغربية الذي يجيز لسلطات الاحتلال مصادرة مساحات شاسعة من الأراضي الخاصة التي يملكها الفلسطينيون لصالح المشروع الاستيطاني، عبر مشاريع قوانين تهدف إلى ضم مستوطنات الضفة وتطبيق القوانين الإسرائيلية على الكتل الاستيطانية.
وفي قراءة لهذه التشريعات، يلاحظ أن حقوق الملكية على الأرض تعتبر جوهر الصراع الإسرائيلي الفلسطيني وفقا للتشريعات التي تهدف لفرض وقائع على الأرض وحسم الصراع لصالح الوجود اليهودي، إذا أتى قانون "كمينتس" للتخطيط والبناء لتوسيع الصلاحيات الإدارية للدولة في هدم البيوت العربية وفرض عقوبات وغرامات باهظة على مخالفات التخطيط والبناء في الداخل الفلسطيني.
ولا تختلف قوانين التخطيط والبناء والتنظيم في جوهرها الذي يستهدف الوجود الفلسطيني، لكنها قد تختلف في آليات التنفيذ والتطبيق، فقد أتى تعديل رقم 2 على القانون الأساس "القدس عاصمة إسرائيل" ليضيف بندا يقيد إمكانية تغيير منطقة نفوذ بلدية القدس التي تشمل في داخلها المناطق الفلسطينية التي ضمت للمدينة بشكل غير قانوني بعد احتلالها عام 1967، إذ يصعّب التعديل إعادة المناطق المحتلة من المدينة في حال التوصل إلى أي تسوية سياسية مستقبلية.
إقصاء سياسي
وإلى جانب القوانين التي تهدف لحصار أكبر مجموعة من الفلسطينيين على أقل مساحة من الأراضي، أتى تشريع القوانين التي تهدد حرية التعبير السياسي وحرية التنظيم، ولعل أبرزها قانون مكافحة "الإرهاب" الذي بموجبه تم حظر الحركة الإسلامية برئاسة الشيخ رائد صلاح.
وتلا ذلك قانون الدخول إلى إسرائيل الذي ينص على عدم منح التأشيرة والتصريح بالإقامة لمن يدعو لمقاطعة إسرائيل، كما تم تشريع قانون الجمعيات الذي يلزم الجمعيات والمنظمات التي تحصل على تمويل من دول أجنبية بالكشف وتقديم تقارير عن مصادر التمويل وأهدافها.
ولم يكن تهديد الحيز السياسي وحرية التنظيم لفلسطينيي 48 خارج دائرة الاستهداف بالتشريعات العنصرية، علما بأنها كانت عرضة للملاحقة السياسية والتضييق من خلال الترهيب والتحقيقات الشرطية.
ويأتي "قانون الإقصاء" ليمنح صلاحيات للكنيست بإقالة نائب في البرلمان، في حال صوت تسعون عضوا على القرار الذي يعتمد على بند التحريض على الدولة ومواطنيها اليهود ودعم الكفاح المسلح ضد إسرائيل.
كما ينص القانون على شطب الترشيحات للكنيست على أساس التصريحات السياسية للمرشحين في حال دعمت الكفاح المسلح أو نفي وجود إسرائيل كدولة يهودية.(الجزيرة)
من المهم التنويه أن موقع رِواق يحترم حقوق النشر ويبذل قصارى جهده لتحديد أصحاب الحقوق في المنشورات او الصور ومقاطع الفيديو أو غيره مما يصل الينا، وفي حال أنكم وجدتم أن لكم صورة او فيديو او منشورا تمتلكون حقوقا فيه، فيرجى الاتصال بنا للتوقف عن استخدامها عبر الخاص في هذه الصفحة أو [email protected] حسب قانون 27 أ(סעיף 27א לחוק זכויות היוצרים)
التعليقات