كشفت صحيفة "واشنطن بوست"، بناءً على وثائق حصل عليها الجيش الإسرائيلي في غزة أن قادة حماس خططوا لموجة من الهجمات الفتاكة ضد إسرائيل، تضمنت هجومًا على غرار 11 سبتمبر يستهدف إسقاط برج في منطقة غوش دان، وضغطوا على إيران لتقديم دعم مالي بقيمة مئات ملايين الدولارات، وذلك قبل سنوات من المجزرة التي وقعت في 7 أكتوبر 2023.
الوثائق والأوراق الإلكترونية التي جمعتها القوات الإسرائيلية من مقار حماس تُظهر أن الخطة كانت تشمل هجومًا واسع النطاق باستخدام سكك الحديد، القوارب، وحتى العربات. ومع ذلك، وصف خبراء الإرهاب العديد من هذه المخططات بأنها غير عملية.
وفقًا للوثائق، التي تتكون من 59 صفحة، كانت حماس تخطط، بمساعدة حلفائها، لشن هجوم مشترك على إسرائيل من الشمال، والجنوب، والشرق. الوثائق تشمل عرضًا تفصيليًا ومصورًا حول خيارات الهجوم، بالإضافة إلى رسائل موجهة منذ عام 2021 إلى كبار القادة الإيرانيين، يطلب فيها قادة حماس تمويلًا وتدريبًا بقيمة مئات ملايين الدولارات لـ 12 ألف مقاتل إضافي من الحركة.
في الرسائل، التي وقعها قائد حماس في غزة يحيى السنوار، ووُجهت إلى عدد من كبار القادة الإيرانيين، بما في ذلك المرشد الأعلى علي خامنئي، طالب السنوار بمزيد من الدعم المالي والعسكري، وتعهد بأنه بدعم إيران، ستكون حماس قادرة على تدمير إسرائيل بالكامل خلال عامين. "نعدكم بألا نضيع دقيقة أو قرشًا إلا إذا كان ذلك يؤدي إلى تحقيق الهدف المقدس هذا"، جاء ذلك في رسالة مؤرخة يونيو 2021، ووقعها السنوار إلى جانب خمسة قادة آخرين من حماس.
لم يتضح ما إذا كانت إيران على علم بهذه الخطط أو ما إذا كانت قد استجابت للرسائل، لكن المسؤولين الإسرائيليين يرون أن هذه الطلبات كانت جزءًا من جهد أكبر من حماس لجذب حلفائها إلى مواجهة مباشرة مع إسرائيل، وهو الأمر الذي كانت إيران تحاول تجنبه.
هذا وقد صرح مسؤول أمني إسرائيلي لـ "واشنطن بوست" بعد أن اطلع على الرسائل ووثائق التخطيط قائلا: "حماس مصممة للغاية على محو إسرائيل من الخريطة لدرجة أنها دفعت إيران إلى مواجهة مباشرة بشروط لم تكن مريحة لإيران".
الطلب: 500 مليون دولار وتدريب 12 ألف مقاتل من حماس
الرسائل، التي وقعها السنوار وغيره من قادة حماس في غزة، وُجهت إلى خامنئي وإسماعيل قاآني، قائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني، وسيد إيزدي، رئيس العمليات الفلسطينية في بيروت التابع لفيلق القدس، الذي قُتل في غارة إسرائيلية بدمشق في 1 أبريل من هذا العام. ووفقًا للمسؤولين الإسرائيليين، فقد وُجدت هذه الرسائل في يناير داخل مخبأ قيادة السنوار في خان يونس.
في الرسائل، وصف السنوار الأضرار الجسيمة التي لحقت بحماس خلال المواجهات مع إسرائيل في مايو 2021، وطلب من الإيرانيين تعويض الخسائر ومساعدة الحركة على التحضير لمعارك أكبر بكثير. الطلبات مفصلة في رسالتين: دعم مالي لحماس بقيمة 500 مليون دولار يُدفع على أقساط شهرية لمدة عامين، بالإضافة إلى تدريب وتجهيز إيراني لدعم 12 ألف مقاتل من حماس. الوثائق لم تقدم معلومات جديدة حول ما إذا كانت الأموال الإيرانية قد وصلت إلى غزة، لكن القنوات المعتادة تشمل التحويلات المالية غير الرسمية والعملات المشفرة.
في إحدى الرسائل الموجهة إلى قاآني، كتب السنوار: "إذا حصلنا على الدعم، فنحن واثقون أنه خلال السنتين القادمتين، بإذن الله، سنتمكن من اقتلاع هذا الكيان الوحشي". وأضاف: "نحن وأنتم سنغير وجه المنطقة، وسننهي، بحمد الله، هذا العصر المظلم من تاريخ أمتنا الإسلامية".
الدافع للهجوم: التطبيع مع السعودية
الوثائق التي حصلت عليها صحيفة "واشنطن بوست" تضمنت ملاحظات تفصيلية من اجتماعات ناقش فيها مسؤولو حماس مهام الحكومة الروتينية، مثل الصحة العامة ونقص الوقود. ومع ذلك، تشير الوثائق أيضًا إلى ما رآه المحللون ومسؤولو الاستخبارات كدافع محتمل للهجوم المفاجئ في 7 أكتوبر. في بروتوكولات اجتماع المكتب السياسي لحماس في أكتوبر 2023، يشير القادة إلى القلق من تحسين العلاقات بين دول الخليج وإسرائيل، وهو اتجاه "سيفتح الباب أمام الدول العربية والإسلامية الأخرى لسلك نفس الطريق، مما يعقد المقاومة"، وفقًا للوثيقة.
لم يوضح السنوار كيف يعتزم تدمير إسرائيل. وقال مسؤولون إسرائيليون وآخرون في الشرق الأوسط إن إيران تفاجأت بالهجوم في 7 أكتوبر، لكنهم زعموا أن كلًا من إيران وحزب الله، وكيلها اللبناني، كانا على علم بأن حماس كانت تستعد لهجوم كبير. ولذلك قال أحد المحللين "كانت هذه استراتيجيتهم المشتركة لمهاجمة إسرائيل". يعتقد المحللون الأمريكيون والإسرائيليون أن إيران قدمت مئات الملايين من الدولارات للجناح العسكري لحماس وزادت من دعمها في عام 2023.
رفضت الجمهورية الإسلامية الانخراط المباشر في القتال بعد هجوم 7 أكتوبر. ومع توسع الصراع ليشمل هجمات صاروخية من حزب الله على شمال إسرائيل وضربات إسرائيلية على لبنان وسوريا واليمن – وفي الأسابيع الأخيرة، غزو بري لشمال لبنان – تم جر إيران أكثر إلى الصراع، بما في ذلك هجومان واسعان على إسرائيل.
في الأشهر التي سبقت الهجوم، فكرت حماس في شن هجوم أكبر بكثير، وفقا لعرض تقديمي مكون من 36 شريحة تم إعداده في أواخر عام 2022، وتم العثور عليه في موقع لحماس في شمال غزة في 10 نوفمبر. يتضمن العرض خيارات وسيناريوهات للهجوم على إسرائيل من عدة جبهات، تتراوح الأهداف من مراكز القيادة العسكرية إلى مراكز التسوق.
الوثيقة المكتوبة باللغة العربية، وعنوانها "استراتيجية لبناء خطة مناسبة لتحرير فلسطين"، تحتوي على عشرات الخرائط والصور والمخططات التي تصور حركة مقاتلي حماس ضد الأهداف الإسرائيلية والتسلسل المحتمل للهجمات، وقد كُتِبَ في مقدمة العرض: "نقدم لكم هذا التصور، الذي يتحدث عن الاستراتيجية المناسبة للتحرير في المستقبل القريب، بإذن الله".
أكثر من 17 ألف صورة وصور الأقمار الصناعية
وفقًا للعرض التقديمي، استندت خطط الهجوم إلى "قاعدة بيانات كبيرة" تضمنت أكثر من 17 ألف صورة، بدءا من صور الأقمار الصناعية إلى الصور التي التقطتها الطائرات بدون طيار أو التي جُمعت من المنشورات على وسائل التواصل الاجتماعي. تشمل الصور المعروضة تخطيطات القواعد الجوية الإسرائيلية والمنشآت العسكرية، ومخططات توضح مسارات الطيران في مطار بن غوريون.
يصف العرض التقديمي ثلاثة اتجاهات هجومية محتملة، ويقترح تكتيكات لخداع قوات الأمن الإسرائيلية وإرباك استجابتهم. تشمل الخطط مزيجًا من العمليات ذات التكنولوجيا المنخفضة، التي تم استخدام بعضها في 7 أكتوبر، وأخرى تبدو أكثر طموحًا.
من بين هذه الخطط، كانت هناك خطة لإسقاط برج في غوش دان. ومن بين الأهداف المحتملة المذكورة في الوثيقة برج "موشيه أبيب"، وهو مبنى مكون من 70 طابقا في منطقة بورصة رامات غان، وهو ثاني أطول مبنى في إسرائيل، بالإضافة إلى أبراج "عزرائيلي". وتشير الوثيقة إلى أن أبراج "عزرائيلي" تضم ثلاثة أبراج، ومركز تسوق، ومحطة قطارات، ودور سينما، بالإضافة إلى وجود قاعدة "كريا" العسكرية القريبة. ووفقًا للاقتراح، فإن انهيار برج كبير يمكن أن يدمر أيضا القاعدة. ومع ذلك، اعترفت حماس بأنها لا تعرف بالضبط كيفية إسقاط الأبراج، حيث كُتِبَ في الوثيقة: "نبحث عن آلية لإسقاط البرج".
اعتبرت حماس أن هدفا أكثر واقعية هو شبكة السكك الحديدية الإسرائيلية. تصف الوثيقة عدة نسخ من خطة لاستخدام السكك الحديدية لنقل المقاتلين والمتفجرات القوية. "خط السكة الحديد مخصص لنقل الوقود، وهذه نقطة ضعف في حال تفجير قطار بعد حركته داخل إحدى المدن (قنبلة متحركة)"، كما جاء في الوثيقة.
اقترحت خطط أخرى تعديل المركبات بحيث يمكنها السير على القضبان، وتحويل قوارب الصيد إلى زوارق هجومية سريعة لنقل المقاتلين والمتفجرات إلى الموانئ الإسرائيلية. فيما يتعلق بخطة استخدام القوارب كقنابل، أشار العرض إلى أن حماس قد "وجدت بالفعل آلية تعمل".
الخطة الأكثر غرابة كانت إحياء العربات التي تجرها الخيول كوسيلة لنقل المقاتلين والأسلحة. يتضمن العرض صورًا ووصفًا لعربة تجرها الخيول يمكنها نقل ثلاثة ركاب وعبور الأراضي الوعرة بسهولة. العربة هي "آلية سريعة وخفيفة" تنتج القليل من الحرارة أو الضوضاء مقارنة بالدراجات النارية التي استخدمها مقاتلو حماس في هجمات 7 أكتوبر. "تحمل العربة ثلاثة أشخاص، أحدهم يقود، والآخران يطلقان النار ويقاتلان"، حسب ما جاء في الوثيقة.
الأمل: جذب حلفاء حماس للانضمام للهجوم
تشير الخطة إلى أن حلفاء حماس سينضمون إلى القتال بعد نجاح الهجوم الأولي على إسرائيل. يعتقد المسؤولون الأمريكيون والإسرائيليون أن السنوار، الذي رفض مشاركة التفاصيل حول خطط 7 أكتوبر مع حزب الله أو مع الحرس الثوري الإيراني قبل الهجوم، أقنع نفسه بأن هجوم حماس على إسرائيل سيثير حربًا أوسع سيضطر الطرفان إلى الانخراط فيها. جزء أساسي من أي عملية، وفقًا للوثيقة، سيكون "إعداد الجبهات الخارجية (لبنان، وسوريا، وسيناء) والاتفاق على آليات التواصل في السلم والحرب".
وفقًا للوثائق التي كشفت عنها صحيفة "نيويورك تايمز"، بروتوكولات عشر اجتماعات عقدها السنوار مع قيادة حماس العليا وكُشفت من خلال كمبيوتر في خان يونس، كشفت لأول مرة كيف استعدت حماس لهجمات 7 أكتوبر تحت الاسم الرمزي "المشروع الكبير".
من المهم التنويه أن موقع رِواق يحترم حقوق النشر ويبذل قصارى جهده لتحديد أصحاب الحقوق في المنشورات او الصور ومقاطع الفيديو أو غيره مما يصل الينا، وفي حال أنكم وجدتم أن لكم صورة او فيديو او منشورا تمتلكون حقوقا فيه، فيرجى الاتصال بنا للتوقف عن استخدامها عبر الخاص في هذه الصفحة أو [email protected] حسب قانون 27 أ(סעיף 27א לחוק זכויות היוצרים)
التعليقات