لا يوجد ادنى شك بأن القائمة المشتركة لم تأت استجابة لإرادة الشعب كما ظهر في شعارها الانتخابي، وانما وُلِدت من رحم الخوف من الفشل بعدم القدرة على اجتياز نسبة الحسم، وهذا لم يؤثر على الجمهور المتعطش لوحدة الصف، حيث حظيّت هذه الخطوة على دعم وتأييد شريحة كبرى من المجتمع العربي الذي رأى بها تحقيقًا لرغبته بوحدة متينة تسعى للمحافظة على مصلحة الاقليّة العربية، ووسيلة لتحقيق مصالحها وفي مقدمتها تحسين الوضع الاقتصادي والاجتماعي، ولكن أداء القيادات كان في واد وامل الجمهور في واد آخر، وخاصّة تواصل الصراع الذي شهدناه عشيّة تركيبها على "تصفيط" الكراسي، والذي لم يتوقف بعد الانتخابات، بل استمر وبوتيرة أعلى على احقيّة، الأمر الذي ترك انطباعًا بأنها كانت كالحافلة التي ركب بها مسافرون من محطات متعددة، وعند توقفها في المحطة الأخيرة تفرقوا وأشاح كل منهم بوجهه نحو قبلته.
ثلاثة عشر عضوًا قوة سياسية لا يستهان بها لو وضعت نصب عينيها هدف العمل الجماعي، ومعالجة القضايا الإجتماعية والإقتصادية، ولكن حب الذات والأنانية المفرطة والسعي المتواصل لتقديم ال"أنا" على ال"نحن" عمّق الهوّة بين مركبات المشتركة وخلق حالة من التذمر والنفور وخيبة الأمل لدى الجمهور الذي لم تنطل عليه الحقيقة حتى وان رآهم مجتمعين في العلن الا ان قلوبهم شتّى، واختلافهم لم يكن ايدلوجيًا او حول قضايا مصيرية مثلًا وإنما صراعًا على الكرسي الذي رافقته رشقات من المناكفات، واستعراضات إبراز العضلات لاثبات من هو الأقوى؟!، وكل هذا حدث أمام مرآى ما يسمى لجنة الوفاق.
ولجنة الوفاق التي كانت حاضرة وشاهدة على "العصر"، تجلّت بكامل هشاشتها وعجزها عن رأب الصدع وانهاء حالة التشرذم، ولا احملها المسؤولية بذلك، فهي لم تملك الحرية باتخاذ القرار منذ ولادتها، وكانت مسيّرة ليس لديها اي تأثير على مجريات الامور، وخاضعة لإملاءات من جهات معروفة، ورغم أنها عاشت الحالة وصدقتها، لم تستطع إطفاء اي حريق من الحرائق التي شبّت بين الحين والاخر هنا وهناك.، وحتى انها لم تقنع الجمهور بردودها على الاتهامات التي تعرضت لها ووصفتها باللا موضوعية وعدم الاستقلالية بالقرارات.
هذه الاتهامات ادّت إلى زعزعة ثقة الجمهور بهذه اللجنة وافقدتها شرعيتها، ولذا لا بد من إعادة النظر مجددًا بتركيبتها وبنائها على أسس الحيادية، المهنية، النزاهة والقوة باتخاذ القرار وفق مبدأ تخصيص الكرسي لمن يستحق وفق معايير واضحة، وليس رضوخًا لتهديد ووعيد واملاءات خارجية.
مرة اخرى اعود واؤكد ان المشتركة مشروع جيد ولكنها وقعت ضحية الصراعات العلنية والخفيّة التي تدار بالغرف الخلفية وأهمها الصراع على رئاستها، فهناك من يرى بأن ايمن عودة قد فشل فشلًا ذريعًا بقيادة المشتركة ولم ينجح بقيادتها وحصاد ثمارها.
ليس سرًا بان ايمن عودة لم يحظ بالمؤازرة من شركائه في القائمة، ووقع ضحية صراع الأجيال حيث رأى بعضهم انه غير ناضج بما يكفي للامساك بدفّة القيادة، وكان عليه ان يواجه مشاكل عديدة ومنها الداخلية وخاصة مواجهة قوة احمد الطيبي النّد الخفي الشرس، ومن جهة اخرى الضغوطات والمطاردة الخارجية من معسكر محمد بركة، والذي، كما يبدو، يعد العدّة للعودة إلى الكنيست عبر تقلده قيادة المشتركة اي رئيسًا توافقيًا وفي سبيل ذلك قد يقوم بإعادة تقسيم المناصب الرفيعة لكسب التأييد ومنها على سبيل المثال، رئاسة لجنة المتابعة لرئيس بلدية سخنين السابق مازن غنايم، ورئاسة منتدى رؤساء السلطات المحلية لرئيس بلدية الطيبة شعاع منصور.
وعودة إلى عوده-
ايمن الذي بدأ مشواره بالرجل اليمنى، وكنت في حينه مؤيدًا لتحركاته واستبشرت بروحه الشبابية المنفتحة خيرًا، ولكن سرعان ما تلاشى الضباب وبدأ بالتعثر وتسجيل الأخطاء، وأذكر هنا بعضها كمشاركته في تشييع حتّر الاردني الذي سخر من الذات الإلهية، استمرارًا بمشاركته بحفل هاني شاكر في رام الله وذلك ساعات قليلة بعد سطوع نجوميته في أحداث ام الحيران، واخيرًا المنشورات "الخفيفة" على صفحات التواصل الاجتماعي والتي تتعلق بجلوسه جنب ليبرمان على مقاعد المعارضة، وكان هذا هو الشغل الشاغل والاهم لرئيس القائمة المشتركة..؟!
ومن هنا واذا لم يكن من استمرار المشتركة بد فمن الضروري إعادة بناء قواعدها من جديد، والاهم اختيار رئيسًا متزنًا، عقلانيًا ومقنعًا، يتصف بالمهنية ولا يلهث وراء الأضواء المضللة والومضات الإعلامية الكاذبة.
د. يوسف جبارين لرئاسة المشتركة.
من المهم التنويه أن موقع رِواق يحترم حقوق النشر ويبذل قصارى جهده لتحديد أصحاب الحقوق في المنشورات او الصور ومقاطع الفيديو أو غيره مما يصل الينا، وفي حال أنكم وجدتم أن لكم صورة او فيديو او منشورا تمتلكون حقوقا فيه، فيرجى الاتصال بنا للتوقف عن استخدامها عبر الخاص في هذه الصفحة أو [email protected] حسب قانون 27 أ(סעיף 27א לחוק זכויות היוצרים)
التعليقات