يبدو أن القرصنة على أموال الفلسطينيين أينما كانوا، غدت سمة إسرائيلية، تمارسها أينما ووقتما تشاء، سيما وأن تجميد ميزانيات عدد من السلطات العربية في أراضي 48، ليس الأول، ولكنه يحمل مدلولات خطيرة، فيما يتعلق بالمزيد من القرصنة القادمة.
ولم يكن إعلان وزير المالية الإسرائيلي، بتسلئيل سموتريتش، أنه قرر تشكيل لجنة لفحص تحويل الميزانيات للسلطات المحلية العربية، الذي تبع قراره بتجميد موازنة تقدر بنحو 300 مليون شيكل مخصصة للسلطات المحلية العربية، سوى بداية لقرصنة، تريد من خلالها إسرائيل، أن تحول الفلسطينيين إلى "مجتمع فقير لا طموحات له سوى لقمة عيشه".
كما جمد سموتريتش، ميزانية تقدر بـ200 مليون شيكل لتشجيع اندماج الفلسطينيين من سكان القدس المحتلة، في المؤسسات الأكاديمية الإسرائيلية.
وبالرغم من أن هذا التجميد يعكس قرصنة، ليست غريبة على أخلاقيات السلطات الإسرائيلية، ممثلة برأس الهرم السياسي، إلا أنها سيكون لها تبعات خطيرة "قد تكلف إسرائيل أضعاف المبالغ المجمدة"، كما يؤكد مسئولو لجان قطرية وسلطات محلية.
ولا تختلف أهداف القرصنة على أموال السلطات المحلية العربية، عن تلك القرصنة الممارسة على أموال المقاصة التي تخص الفلسطينيين بالضفة الغربية وقطاع غزة.
شماعة لاستهداف وإضعاف المجتمع
ويقول مستشار اللجنة القطرية لرؤساء السلطات المحلية أمير بشارات لموقع "رواق": "إن تجميد الميزانيات الخاصة بقطاعات حساسة وهامة لسلطات عربية، هو محاولة للمس باستقلالية هذه السلطات، وأداءها".
ويضيف "بطبيعة الحال تستعمل السلطات الإسرائيلية، عصابات الإجرام، شماعة لتعليق قرصنتها على هذه الأموال، بالادعاء أن عصابات الإجرام أصبحت تسيطر على هذه السلطات، وهو ما لا أساس له من الصحة".
ويرى أن هذه الخطوات هي محاولة لاستهداف استقرار المجتمع الفلسطيني في أراضي 48، سيما وأنها تأتي استكمالًا لخطوات سابقة، تهدف لذات الشيء.
ويكمل "سبق وأن تم صدور قرار بتجميد الترشيح لانتخابات الكنيست لأعضاء عرب من المحكمة العليا الإسرائيلية، ثم تلا ذلك استهداف لجنة المتابعة العليا للجماهير العربية، عبر تقديم مشروع قانون يستهدف وجودها".
"واليوم يتم تجميد ميزانيات سلطات عربية، وهوما لن يتوقف عند هذا الحد، وكله يصب في إضعاف المجتمع، خاصة وأن الميزانيات تخص التعليم وبرامج ترفيه ومخيمات ومعاشات، ونفايات وخدمات للحيز العام".
مجتمع فقير وتبعات خطيرة
ومن وجهة نظر بشارات، فإن وزير المالية الإسرائيلي اختار تجميد ميزانيات تمس الخدمات العامة للمواطن الفلسطيني في أراضي 48، كما أنه تم إيقاف مشاريع كثيرة سابقًا تقدر بمليون ونصف شيقل، يشمل منح دراسية وأموال لمناطق تجارية.
ويتابع "كما تم تجميد 2 مليار ونصف شيقل، تخص مشاريع بنية تحتية ومواصلات، وكل هذا من أجل التأثير على القطاعات الرئيسية للمجتمع العربي، حتى يؤدي لإضعافه، وخلق مجتمع فقير".
ولا ينفصل الهدف من تجميد ميزانيات السلطات المحلية العربية، عن محاولات كبح جماح حالة النضال الفلسطيني المتنامية في أراضي 48، وفق بشارات.
وبحسبه "فإنهم يريدون من كل هذه السياسات خلق مجتمع فقير لا يبحث سوى عن لقمة عيشه، ولا طموحات أعلى من ذلك له".
وفي الوقت الذي يبدو فيه ما فعله " سموتريتش" يفت من عضض المجتمع العربي، إلا أنه سيكون له تداعيات سلبية كبيرة، وينبني على مخاطر، تعيها الحكومة الإسرائيلية ووزراء آخرين فيها.
ويوضح بشارات أن "الأمر لو كان بيد وزير المالية سموتريتش وحده، فإنه لن يحول شيقلًا واحدًا للسلطات العربية، لكن رئيس الحكومة الإسرائيلية ووزراء آخرين، يرون أن هناك مخاطر ستنبني على هكذا قرار، فالميزانية المجمدة لحسابات سياسية، ستسبب عجزًا ماليًا للسلطات، سيضع على عاتق الحكومة مسئولية وضع خطط استشفاء، ستكلفها 5 أضعاف المبلغ الذي تم تجميده".
لذلك، يرى بشارات أنه "وليس حبًا في الفلسطينيين بأرضي 48 ولا السلطات المحلية، فإن وزراء آخرين ورئيس الحكومة، قد يستدركون هذه الخطوة، ويحاولون عدم الوصول لتلك التبعات الخطيرة".
قرصنة سنوات تتصاعد
من جانبه، يقول رئيس اللجنة القطرية لرؤساء السلطات المحلية مضر يونس لموقع "رواق": "إن القرصنة على أموال الفلسطينيين في أراضي48، ليست جديدة، وهي موجودة منذ سنوات".
ويشير إلى أنه سبق أن تم تجميد أموال سلطات عربية وتحويلها إلى سلطات يهودية في إسرائيل على مدار عشرات السنوات، وخاضت السلطات العربية نضالًا في المحاكم واحتجاجات، لمواجهة هذه القرصنة.
ويحذر من تصاعد وتوتر الأوضاع نتيجة لاستهداف العرب عامة والسلطات العربية خاصة، خاصة وأن الميزانيات المجمدة، قد تؤدي لوقف خدمات وعدم دفع معاشات، وهدم القدرة على افتتاح العام الدراسي، ووقف برامج تعلم، وصناديق التقاعد وغيرها.
ويبدو واضحًا بأن هناك سياسة إجحاف وعنصرية مقيتة ممارسة ضد الفلسطينيين بأراضي 48، وأن تجميد الميزانيات جزء من مسلسل متكامل لهذه السياسة، التي قد تؤدي لزعزعة السلطات المحلية، وحدوث شلل في الخدمات بقطاعات هامة، ما سيؤدي لانفجار الأوضاع، إن لم يتم وقف هذه السياسة، في ظل حكومة تدفع لهذا الاتجاه.
من المهم التنويه أن موقع رِواق يحترم حقوق النشر ويبذل قصارى جهده لتحديد أصحاب الحقوق في المنشورات او الصور ومقاطع الفيديو أو غيره مما يصل الينا، وفي حال أنكم وجدتم أن لكم صورة او فيديو او منشورا تمتلكون حقوقا فيه، فيرجى الاتصال بنا للتوقف عن استخدامها عبر الخاص في هذه الصفحة أو [email protected] حسب قانون 27 أ(סעיף 27א לחוק זכויות היוצרים)
التعليقات