| 23 تشرين ثاني 2024 | 21 جمادي الأول 1446 هـجرية
  
  
  
الفجر
الشروق
الظهر
العصر
المغرب
العشاء
الخميس - 01 كانون ثاني
0/0
الخميس - 01 كانون ثاني
0/0
الخميس - 01 كانون ثاني
0/0
الخميس - 01 كانون ثاني
0/0
الخميس - 01 كانون ثاني
0/0

إضاءات على قضية المهور

  2022/08/31   11:37
   رائدة عبد الغني - مرافعة شرعية
شارك الخبر مع أصدقائك
طباعة
أضف تعقيب

تناقلت وسائل التواصل الاجتماعي والمواقع الإخبارية في الأيام الماضية الكثير من المنشورات التي صدرت عن مجلس الإفتاء بالنسبة لتوصيات مقترحة في موضوع المهور, وتطلب من الناس ان يقوموا بالتوقيع على هذه الوثيقة بالموافقة من اجل تعميمها واعتبارها عُرفا .

بعد قراءتي لهذه المنشورات او الوثائق كما عنونت, وجدت نفسي أمام نقاش كبير في هذه البنود الواردة في الوثيقة، وليس من باب الرد او المعارضة السلبية لا سمح الله, وانما بما اننا لم نكن جزءا من هذه التوصيات بكوننا الشريحة التي ستطبق عليها الوثيقة اذا أخذت بعين الاعتبار وعُممت كعُرف او حتى بكوننا العاملين في هذا المجال واكثر المحتكين بالمتداعين في المحاكم فكان يجب علينا الوقوف عند هذه التوصيات , وطرح الأسئلة التي تحتاج الى إجابات.

البند الأول يتحدث عن قيمة المهر المعجل والمؤجل ويحددها بمبلغ 50000 ش .في القرار الاستئنافي الأخير وهو يحمل رقم 2019/420 الغت محكمة الاستئناف الشرعية ربط المهور بجدول غلاء المعيشة وكان هذا القرار مثل الكارثة على جميع النساء التي يواجهن المشاكل في المحكمة الشرعية بعد 20 سنة او اكثر من الزواج وخدمة الزوج والابناء وبسبب تغير قيمة العملة , وخصوصا ان هذه الشريحة العمرية لا تعمل فراينا نماذج كبيرة من العوز والمهانة, بعد سنين طويلة من الزواج, فكيف يضمن لهؤلاء النساء الكبر الكريم اذا ما تخلى عنها الزوج دون ان يتقي الله فيها .

تحدثت الوثيقة عن تكون الـ 50,000 ش هي عبارة عن المهر يدخل بضمنه كل ما يدفعه الخطيب لخطيبته حتى التعليم منه وهنا لا بد من تساؤلات :
1. اذا كانت ظروفها لا تسمح لها بالتعليم وجاء هو مبادرا وطلب منها ان تتعلم القيادة مثلا لكي يرتاح هو من عبء تنقلاتها هي والابناء بعد الزواج وفكت الخطبة، فلماذا عليها ان تدخل هي وأهلها في الديون بسبب رغبة الخاطب بتعليمها ؟ وهذا ينسحب على المجالات الأخرى وهي ذات تكلفة باهضه حتى اكثر من القيادة ؟

2. واذا فرض عليها إعادة المال فمن الذي سيلزمها اذا كانت المحكمة الشرعية لا تملك الصلاحية لإصدار أي قرار ما دام لا يوجد عقد ؟

3. اذا علّم الزوج زوجته اثناء الخطبة وتزوجا لمدة خمسة او عشر سنوات وهي تعمل وتنفق وعند الفراق قال لها دفعت لتعليمك فما حكم هذا ؟ هل عليه ان يخصمها من المهر ؟ متجاهلا ما انفقته طوال السنين السابقة .

4. ان الوثيقة تتحدث عن التقليل من المهور من اجل التيسير على الخاطب والذي يرغب في الطلاق مستقبلا , ويدخل المنقولات الثمينة من الهدايا التي احضرها الخاطب ضاربا مثلا على ذلك بجهاز حاسوب وهنا نسال ماذا عن الجهاز الذي تحضره المرأة يتعدى ال 1,000,00 ش يستعمله الزوج وأهله وضيوفه وابنائه فمن سيعوض الزوجة وأهلها عن هذا المتاع المستهلك خلال فترة الزواج طالت ام قصرت ام ان التيسير فقط على الرجال ؟.

5. الوثيقة التي وزعت كانت تحتمل إجابة واحدة فقط وهي الموافقة فكيف فحصت نسبة المعارضين فان كانت قد جمعت 1500 موافقة فيمكننا ان نطلق وثيقة معارضة لها ونجمع ضعف هذا الرقم من النساء المتضررات من هذا القرار في مدة اقل .

6. عن ابن عباس أن امرأة ثابت بن قيس: أتت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله، ثابت بن قيس ما أعتب عليه في خلق ولا دين، ولكني أكره الكفر في الإسلام، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أتردين عليه حديقته، قالت: نعم، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أقبل الحديقة وطلقها تطليقة.

7. في هذا الحديث الشريف امهر قيس زوجته حديقة ولم يقل له رسول الله صلى الله عليه وسلم ان هذا المهر عال او كثير بل اتم المعاملة بينهما ولم يعلق على قيمة المهر مما يستدل منه ان لا ضير بان يكون المهر ذا قيمة عالية , اما بالنسبة لمهور بنات الحبيب صلى الله عليه وسلم فلو ان هذه سنة واجبة الاتباع لكان صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم أولى الناس باتباعها , كما ان الوثيقة تحدثت عن مهور بنات الرسول صلى الله عليه وسلم ولم تأت على ذكر من هم الأزواج , وانا أقول لشيخنا الفاضل احضر لي ازواجا لديهم من التقوى عشر ازواج بنات الرسول صلى الله عليه وسلم رضوان الله عليهم يتقون الله في بناتنا وانا اول من يزوج بناته دون مهور .

8. عن قيس بن الربيع عن أبي حصين عن أبي عبد الرحمن السلمي قال : قال عمر بن الخطاب : لا تغالوا في مهور النساء ، فقالت امرأة : ليس ذلك لك يا عمر ؛ إن الله يقول " وآتيتم إحداهن قنطاراً من ذهب " – قال : وكذلك هي في قراءة عبد الله بن مسعود – " فلا يحل لكم أن تأخذوا منه شيئاً " ، فقال عمر : إن امرأة خاصمتْ عمر فخصمتْه. رواه عبد الرزاق في " المصنف " ( 6 / 180 ).

9. البيان الأخير تحدث عن ان التوقيعات التي جمعت جعلت المهر كما جاء في الوثيقة فكيف سيطبق هذا على ارض الواقع ؟

10. الا يرى شيخنا ان الرقم الذي وضع بعيدا عن الواقع حيث انه سيحول معظم النساء الى مدينات للأزواج بدل ان يكن مستحقات لمهور فاذا كان قد دفع عنها تعليما بقيمة 20000 الف مثلا واحضر لها ذهبا بمثلها وهدايا ومقتنيات غالية بنفس الرقم فعليها ان تعيد له 10,000 ش لا ان يسجل لها مؤخر فهي مديونة .

11. وماذا ان اخذ مصاغها وباعه ونحن جميعا نعلم ان اغلب الحالات التي يباع بها المصاغ لا تكون برغبة كاملة فأما تكون غصبا, واما بسيف الحياء, واما بدون علمها أصلا, فهنا يأتي الرجال ويدعون امام المحكمة انها باعته مختارة ولم اغصبها, وهذا الادعاء بعيدا كل البعد عن الواقع .

12. لا بد أيضا ان نلفت الانتباه هنا ان هذه القرارات هي غير منسجمة مع سياسة المحاكم الشرعية في البلاد ليس هذا فحسب بل انها بكثير منها تتعارض مع قرارات صدرت عن محكمة الاستئناف الشرعية ربما يتسع المقام في مرات قادما لذكرها , والمحكمة الشرعية هي صاحبة الولاية العامة وتقوم مقام الامام وقولها هو الملزم .

13. اما بالنسبة للعقود التي كانت قبل تاريخ 2022/8/28 والتي تحدثت الوثيقة عن إيجاد حل لها فان هذا الامر من اغرب الأمور لان هذا العقد لا يملك احد ان يغير في مقدار المهر فيه سوى صاحبة الحق الوحيدة , حتى ابوها ووليها لا يملكان تغيير قيمته بعد ان تم العقد الا ان تبرء هي الزوج منه او من قسم منه , حتى رسول الله صلى الله عليه وسلم عندما فرق بين ثابت وزوجه سألها ان كانت ترد عليه الحديقة ولم يصدر حكمه, وحكمه كان سينفذ من الصحابة في الحال , فكيف ستقوم انت بتغيير العقود التي كتبت أصلا منذ سنوات , ان في فتح هذا الباب بين الأزواج المستقرين  انما فتح باب للشقاق هو مغلق نسال الله ان لا يفتح .

ونحن نقول وبكل وضوح ارفعوا ايديكم عن حق لنا هو منة من الله وحق من حقوقه ارفعوا ايديكم عن مهورنا .

{وَآتُوا النِّساءَ صَدُقاتِهِنَّ نِحْلَةً فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْساً فَكُلُوهُ هَنِيئاً مَرِيئاً (4)}النساء

{وَالْمُحْصَناتُ مِنَ النِّساءِ إِلاَّ ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ كِتابَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَأُحِلَّ لَكُمْ ما وَراءَ ذلِكُمْ أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوالِكُمْ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسافِحِينَ فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً وَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ فِيما تَراضَيْتُمْ بِهِ مِنْ بَعْدِ الْفَرِيضَةِ إِنَّ اللَّهَ كانَ عَلِيماً حَكِيماً (24 النساء)}

هذه الآيات الكريمة توضح ضرورة استيفاء الزوجة حقها في المهر المؤجل منه والمعجل طبقا للشريعة الاسلامية وضوابطها .

قال الالوسي :"فان قلت : ان النحلة اخذت في مفهومها ايضا عدم العوض , فكيف يكون المهر بلا عوض وهو في مقابله البضع والتمتع به ؟ اجيب : بانه لما كان للزوجة في الجماع مثل ما للزوج او ازيد , وتزيد عليه بوجوب النفقة والكسوة , كان المهر مجانا لمقابلة التمتع بأكثر منه . " وقيل: النحلة العطية بطيب نفس , : " لا تعطونهن مهورهن وانتم كارهون " وقيل :النحلة : الديانة أي اتوهن صدقاتهن ديانة . والحاصل ان المهر حق مفروض للمرأة , فرضته لها الشريعة ليكون تعبيرا عن رغبة الرجل فيها , ورمزا لتكريمها واعزازها , وقد صرح الفقهاء بقولهم :" المهر فرض شرعا لأظهار خطر المحل " .

ثبت المهر في التشريع الاسلامي حقا للمرأة اصلا تكريما لها الا ان فيه معان وحقوقا اخرى الى جانب هذا الحق وقد حصرها الفقهاء في ثلاثة :
1_ حق لله تعالى  ,  حق للزوجة , وحق لأولياء الزوجة .

فأما انه حق لله تعالى فيترتب عليه ثبوته حكما بمجرد حصول سببه وهو العقد الصحيح او الوطء الخالي عن الحد وعلى هذا فلو عقد العقد مع اجهال المهر ومع اتفاقهما على نفيه نتج عن ذلك ثبوت المهر للزوجة لما فيه من حق الشرع الذي لا يقبل الاسقاط بأسقاط احد . ولو اسقطته الزوجة بعد ثبوته سقط بالاتفاق لان حق الشرع مقصور على ثبوته دون تقاضيه فأن تقاضيه حق شخصي للزوجة فيسقط بأسقاطها ودليل ذلك الآية الكريمة من سورة النساء:

(وَآتُوا النِّساءَ صَدُقاتِهِنَّ نِحْلَةً فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْساً فَكُلُوهُ هَنِيئاً مَرِيئاً )

قال الدهلوي في حجة الله البالغة ) : من الامر الذي يتميز به النكاح من السفاح التوطين على المعاونة الدائمة , وان كان الاصل فيه قطع المنازعة فيها على اعين الناس . وكانوا لا يناكحون الا بصدق لأمور بعثتهم على ذلك , وكان فيه مصالح منها ان النكاح لا تتم فائدته الا بان يوطن كل واحد نفسه على المعاونة الدائمة , ويتحقق ذلك من جانب المرأة بزوال امرها من يدها ولا يجوز ان يشرع زوال امره ايضا من يده والا انسد باب الطلاق , وكان اسيرا في يدها كما انها عانية في يده , وكان الاصل ان يكونوا قوامين على النساء ولا يجوز ان يجعل امرهما الى القضاء . فان مراجعة القضية اليهم فيها حرج وهم لا يعرفون ما يعرف هو من خاصة امره فتعين ان يكون بين عينيه خسارة مال اذا اراد فك النظم لئلا يجترئ على ذلك الا عند حاجة لا يجد منها بد . فكان هذا نوعا من التوطين) .

قال الكاساني : لو لم يجب المهر بنفس العقد لا يبالي الزوج عن ازالة هذا الملك بأدنى
خشونة تحدث بينهما لأنه لا يشق عليه ازالته لما لم يخف لزوم المهر .

وقال الدكتور الزحيلي في الفقه الاسلامي وادلته ) : الحكمة من وجوب المهر هو اظهار خطر هذا العقد ومكانته واعزاز المرأة واكرامها وتقديم الدليل على بناء حياة زوجية كريمة معها وتوفير حسن النية على قصد معاشرتها بالمعروف ودوام الزواج.

كذلك ما بينه الامام الدهلوي من خطورة المماطلة في اداء المهر ومقارنته بما كان يحدث في الجاهلية حيث بين في كتابه حجة الله البالغة " :
كانت في الجاهلية مناقشات في باب المهر , وكانوا يتشاحون بالمال , ويحتجون بأمور , فقضى الله تعالى فيها بالحكم العدل على هذا الاصل , فان سمى لها شيئا , ودخل بها فلها المهر كاملا سواء مات عنها او طلقها . لأنه تم له سبب الملك واثره , وافضى الزوج اليها وهو قوله تعالى : ( وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضى بَعْضُكُمْ إِلى بَعْضٍ وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثاقاً غَلِيظاً ) (21)} .


من المهم التنويه أن موقع رِواق يحترم حقوق النشر ويبذل قصارى جهده لتحديد أصحاب الحقوق في المنشورات او الصور ومقاطع الفيديو أو غيره مما يصل الينا، وفي حال أنكم وجدتم أن لكم صورة او فيديو او منشورا تمتلكون حقوقا فيه، فيرجى الاتصال بنا للتوقف عن استخدامها عبر الخاص في هذه الصفحة أو [email protected] حسب قانون 27 أ(סעיף 27א לחוק זכויות היוצרים)

لإضافة تعقيب الرجاء تعبئة البيانات

أضافة

التعليقات