في أعقاب دعوة الشيخ مشهور فواز التصدّي لبرنامج التربية الجنسية في المدارس, سريدة منصور المرشدة القطرية لموضوع الجنسانية :
التربية الجنسية جزء لا يتجزأ من برنامج "مهارات حياتية" هدفها إعطاء معلومات صحيحة لحماية الأولاد وأبناء الشبيبة
* المستشار التربوي راجح عياشي: هدف التربية الجنسية الحفاظ على الذات وتحصينها وفهم الآخر والتعامل معه باحترام*
أصدر د. مشهور فواز رئيس المجلس الإسلامي للإفتاء بياناً دعا فيه الى التصدي لبرنامج التربية الجنسية في المدارس واصفاً إياه بأنه "تسويق للرذيلة" و"طريق لنشر ثقافة الشذوذ الجنسي والرذيلة والفساد الأخلاقي", معتبراً كل من يسكت أو يسعى في تطبيق هذا المشروع جزءاً من المؤامرة الدينية والأخلاقية والوطنية".
كذلك أعرب د. فواز عن "ثقته بالمعلمين والمعلمات والمدراء بالامتناع عن تدريس هذه المواد ولاستغلال الظرف للتحذير منها ولو استلزم الأمر الإضراب عن التعليم فهذا من أوجب الواجبات", على حدّ قوله.
ودعا لجنة المتابعة والأجسام السياسية والسلطات المحلية وأقسام المعارف والأئمة الى الوقوف بشدة في وجه هذا المشروع.
من أجل التعرّف على برنامج أو "مشروع" التربية الجنسية الذي يتحدث عنه الشيخ الدكتور مشهور فواز طلبنا تعليق وتعقيب وزارة التربية والتعليم على هذا الموضوع فكان هذا اللقاء مع السيدة سُريدة منصور المرشدة القطرية لموضوع الجنسانية ومنع الاعتداءات الجنسية بين الأطفال وأبناء الشبيبة في وزارة التربية والتعليم. كذلك استمعنا الى رأي المستشار التربوي المتقاعد المربي راجح عياشي
ما هو موضوع أو "مشروع" التربية الجنسية الذي يُدرس أو سيدرّس في المدارس الابتدائية حتى الثانوية؟
سُريدة منصور: إنه برنامج تطوّري يبدأ منذ الصف الأوّل ويشمل مضامين أساس لحماية الطفل لجسده وكيف يمكنه أن يميّز إذا تعرّض لأي إساءة, كما نبدأ مع الصف الثالث بالحديث عن الانترنت الآمن كي لا يتعرّض الطفل الى أي إساءة عبر الانترنت أيضاً. الهدف الأساس لهذا البرنامج هو إعطاء معلومات صحيحة وعلمية اتجاه تطوّر مضامين جنسانية الطفل وأيضاً لحمايته من أي ضرر قد يقع فيه أو يتعرّض له من آخرين.فالعالم العصري الذي نعيشه يجعل كل الأولاد وأبناء الشبيبة منكشفين للكثير من المضامين. وهو جزء لا يتجزّأ من برنامج "مهارات حياتية" التي ندرّب من خلاله على الكثير من المهارات التي من المفروض أن يكتسبها الطفل خلال مسيرته التعليمية.
من الذي أعد البرنامج ومن الذي سيدّرسه في المدارس؟
سُريدة: هذا البرنامج لم يتم فرضه علينا, بمعنى أننا لا ننسخ ما هو في الغرب أو المجتمع اليهودي, بل بُني على يد أشخاص مهنيين من المجتمع العربي. ومرشدات لوائيات وقطريات للجنسانية ومنع الاعتداءات الموجودات في الحقل منذ سنوات طويلة وجميعهن من المجتمع العربي. وقد تم إعداد البرنامج بشكل يستطيع المستشارون والمستشارات التربويون تمريره للطلاب وقد استمرت عملية التأهيل على مدى سنوات. ومن الأهمية بمكان التأكيد على أنّ هذا البرنامج ليس جديداً فكل الوقت لدينا برامج جنسانية. وخلال هذه السنة الدراسية مرّرنا البرنامج لصفوف السوادس في كل الألوية بحيث حصل 7070 طالباً على المعلومات من قبل المستشارات التربويات بمرافقة المرشدات, وعندما فصلنا البنين عن البنات كان هناك مربو صفوف ورجال دين..
وضحّي لنا موضوع فصل البنات عن البنين..!
سُريدة: في كل ما يتعلق بالجانب الفسيولوجي الذي فيه نُعطي معلومات علمية وصحيحة حول التغييرات الفسيولوجية التي ستطرأ على جسم الفتاة وجسم الفتى في جيل المراهقة وما قبل المراهقة (في الصف السادس) ننظم ورشات عمل منفصلة, فلا يجوز تمرير هذه المضامين الحسّاسة جداً والخاصة جداً, كأن يقوم معلم بإعطاء هذه المضامين للبنات ولا يجوز أن تعطيها معلمة للبنين, كذلك لا يجوز أن يكون الأولاد والبنات سوية. وهذا الأمر ليس في مجتمعنا فقط بل في كل المجتمعات. فيهمّنا جداً المحافظة على الخصوصية لإعطاء المجال للبنات وللبنين كي يستبدلوا المعلومات الخاطئة التي حصلوا عليها سواء من الانترنت أو أقاويل أو إشاعات تصلهم حول المبنى الفسيولوجي الخاص بهم. فاليوم الأولاد والأطفال يحصلون على المعلومات من "التيك توك" والانترنت والتي يكون 80% منها خاطئاً والتحدي الأكبر لنا هو أن نبدّل هذه المعلومات الخاطئة بمعلومات سليمة وعلمية. والرسالة الأهم هي أن نقول لهم: "أنا المعلمة أو المستشارة التي أعيش معك ومن بيئتك وأعرف كل واقعك كطفل ومتى تكون مسروراً ومتى تكون حزيناً الخ...
هل تُشركون الأهل في هذا البرنامج؟
سُريدة: لدينا فيلم من ضمن البرنامج يشمل محاضرة للأهل قبل البدء بالبرنامج مع الطلاب. وهذه السنة كانت لي محاضرة عبر تطبيق "الزوم" شارك فيها 1600 مشارك من الأهالي وكانت مفتوحة عبر اليوتيوب وتسنّى للأهل المشاركة وطرح التساؤلات.
هناك من يعتقد أنّ البرنامج أُعد من قبل أشخاص لم يأخذوا بالاعتبار ملاءمته لأخلاقياتنا وديننا وتقاليدنا..!!
سُريدة: بما أنني واحدة ممّن كتبوا البرنامج بودّي أن أذكر مثلاً حول موضوع العلاقات الجنسية, بحيث قمنا بإلغاء هذا الموضوع كلياً ولم نتطرق إليه. وكذلك الأمر بالنسبة لموضوع آخر الذي تطرق إليه الدكتور مشهور, وهو موضوع المثلية الجنسية. فنحن كمجتمع عربي لسنا جاهزين للحديث عن هذا الموضوع لذلك أزلنا كل موضوع المثلية الجنسية ولم نشمله في برنامجنا, بل بالعكس وضعنا موضوع تقوية الهوية الجنسية..
بمعنى؟
سُريدة: بمعنى تقوية وتعزيز الهوية الجنسية الذكورية والهوية الجنسية الانثوية من خلال فعاليات للصفوف الإعدادية حول "كيف أشعر كولد وبانتمائي لهويتي الجنسية". إننا نتعامل بحساسية كبيرة لهذه الأمور ويهمنا طرح المضامين الملائمة لمجتمعنا.
ماذا تردّين على من يدّعي بأن التربية الجنسية في المدارس تشجع على الرذيلة؟
سُريدة: أدعو كل إنسان أن يتحاور معنا, وأؤمن بأن من حق أهل الطلاب أن يعرفوا ماذا يتعلم أولادهم. كثيرون من الأهالي أطلعونا على حقيقة أنهم يلاقون صعوبة بالتحدث مع أولادهم في هذه المواضيع بسبب المعلومات الخاطئة التي اكتسبوها من الانترنت, وطلبوا منا أن نقوم نحن بمهمة إطلاعهم على المعلومات الصحيحة وأن نتحمل نحن المسؤولية على هذا الدور لأننا نملك الأدوات والآليات. من جانبنا, نحن نتعاون مع الأهل ولا نلغي دورهم, فمعهم ندخل المعلومات السليمة للأولاد وأغلب الأهالي راضون من هذا التوجّه.
ألم تصادفكم أي إشكالية بالتعامل مع الأهل؟
سُريدة: الإشكالية هي أننا نخاف أحياناً من بعض الكلمات, مثل كلمة "جنسانية" فهناك الكثيرون الذين لا يعرفونها ويعتقدون أننا نتحدث عن الجنس ونعطي إباحة للجنس, وهذا أمر خاطئ. فعندما نتحدث من مفهوم العلاقة نتحدث عن الصداقة ولا نتحدث عن العلاقة الجنسية. وأصلاً موضوع العلاقة الجنسية ليس مطروحاً في برنامجنا..
ألا يتم الحديث عن العلاقة الزوجية ما بعد الزواج؟
سُريدة: في وحدة الصف الثاني عشر لدينا موضوع اختيار شريك الحياة في كل قضية الهوية النهائية, أي البلوغ بمعنى أي بالغ أي بالغ أو بالغة سيكون أو ستكون.
فمثلما يهمنا أن يختارالطالب مهنة المستقبل بطريقة سليمة كذلك نتحدث عن الاختيار السليم لشريك الحياة الذي يناسب لبيئة الطالب وحياته. وخلال برنامج "زوجية من غير عنف" نتحدث عن أضواء حمراء في العلاقة إذا ظهرت يجب الانتباه وعدم الخوض فيها, وبالمقابل نتحدث عن الأضواء الخضراء عندما يكون هناك احترام وأمان..
وبخصوص ما يتعلق بالصحة والوقاية من بعض الأمراض مثل الإيدز وغيره؟
سُريدة: بصراحة كان لدينا تخبّط كبير فقد ظننا أنه بالإمكان إعطاء محاضرة في الصف التاسع والحادي عشر, ولكننا أزلناها من البرنامج لأننا خفنا من أن يُفهم من ذلك بأننا نعطي بذلك شرعية للقيام بالعلاقة الجنسية وقد جمّدناها تماما.
وبخصوص ما يتعلق بتطعيم الفتيات ضد فيروس الپيپلوما الذي يسبب سرطان عنق الرحم بحيث توصي وزارة الصحة بتطعيم الفتيات ابتداء من جيل 13 سنة؟
سُريدة: إننا لا نتحدث عنه من خلال البرنامج, ولكن نشدّد على أن المرجعية بخصوص المحافظة على الصحة بكل مفاهيمها هي لطبيب العائلة. في برنامج الجنسانية نتحدث عن ضرورة المحافظة على الجسم من خلال التغذية السليمة للوقاية من الأمراض كذلك نتحدث عن ضرورة منع أي شخص من المسّ بالولد أو لمسه أو غرغامه على لمسه. وفي الصفوف العليا نتحدث في نفس الروح ولكن بصورة ملائمة اكثر بحيث يكون لدى كل فرد الوعي الذاتي للحفاظ على صحته.
المستشار التربوي راجح عياشي:هدف التربية الجنسية فهم وحفظ الذات وتحصينها
أما المستشار التربوي المتقاعد راجح عياشي فقال في حديث خاص: التربية الجنسية هدفها الأساس هو التوعية للحفاظ على الذات ولكيفية التعامل، والتوعية لفهم الآخر وتحصين الذات. فعندما يتعلم الطلاب والطالبات مع بعض, هناك أهمية لأن تكون العلاقة بينهم علاقة صداقة حميمة وعلاقة احترام متبادل".
وأضاف: "وزارة التربية والتعليم أصدرت عدة برامج للتربية الجنسية وهذه ليست المرة الأولى. الهدف من هذه البرامج هو التوعية والسلوك وكيفية محافظة الفرد على جسمه وفهم الذات وكيفية التعامل مع الآخر بالإضافة الى أمور جنسية يجب أن يعرفها البنون عن أنفسهم وأن تعرفها البنات عن أنفسهن, بكل ما يتعلق بالصحة والتعامل والتحصين الذاتي. وأن يعرف كل فرد نفسه ورغباته وسلوكياته وكيف يتعامل مع الآخر بشكل مهذّب ومحترم. فهذا هو الهدف من التربية الجنسية وليس الجنس كما يظن أو يقول البعض. الهدف الأساسي هو فهم الذات وحفظ الذات.
هل في برنامج التربية الجنسية ما يخدش الدين والحياء؟
راجح عياشي: في البرنامج الموجود اليوم والذي كان موجوداً طيلة الوقت والذي عمل على إعداده المستشارون كثيراً, لا يوجد فيه ما يُعيب أو يخدش الدين أو الحياء, بل وُضع من أجل الأخلاقيات وحسن التعامل وفهم الذات وفهم الآخر والتعامل معه. فمن وجهة النظر التربوية لا يُعارض إطلاقاً الدين والسلوكيات السموية.
من شارك في إعداد البرنامج؟
عياشي: تم إعداده بعد دراسة موسعة للموضوع من قبل مستشارين تربويين وأخصائيين نفسيين ورجال دين والأهالي ولم ألاحظ أي شيء يمس بالدين والطلاب أو الطالبات بل يهتم بتقديم المعلومات الصحيحة.
من المهم التنويه أن موقع رِواق يحترم حقوق النشر ويبذل قصارى جهده لتحديد أصحاب الحقوق في المنشورات او الصور ومقاطع الفيديو أو غيره مما يصل الينا، وفي حال أنكم وجدتم أن لكم صورة او فيديو او منشورا تمتلكون حقوقا فيه، فيرجى الاتصال بنا للتوقف عن استخدامها عبر الخاص في هذه الصفحة أو [email protected] حسب قانون 27 أ(סעיף 27א לחוק זכויות היוצרים)
التعليقات