يعرّف سوق العمل على أنّه سوق افتراضي كما أنّه نوع من أنواع الأسواق الاقتصاديّة، حيث يجتمع فيه كل من الأشخاص الذين يبحثون عن وظائف مناسبة بالإضافة إلى أصحاب هذه الوظائف من أصحاب الشركات والمؤسسات المختلفة، حيث يعتبر هذا السوق حلقة وصل بين كل الأشخاص المرتبطين ارتباطاً مباشراً بالعمل.
مع انتهاء العقد الثاني للألفية، هنالك الكثير من التحديات التي يواجها ابناء المجتمع العربي في اختيار المهنة المناسبة، ناهيك عن وجود المعيقات الداخلية والخارجية والتي بشكل او بآخر هنالك العديد من السبل للتغلب عليها. احدى السبل للتغلب على هذه الحواجز يكمن في اختيار مجال التعليم بحيث يشكل عاملاً فاصلا للحصول على بعض الوظائف، مع مرور السنوات وتغيير هيكلة أنواع الوظائف ومتطلباتها يمكننا القول بان اكتساب المهارات الأساسية والخبرة يعلّي من نسبة القبول للوظائف المرجوة في شتى مجالات العمل، جنبا الي جنب مع التحصيل العلمي الأكاديمي وفي أحيان كثيرة يشكل الكفة الرابحة لوجود مرشحين للوظيفة المتنافس عليها.
العديد من طالبي العمل وخاصةً جيل الشباب ينهمكون بالبحث عن وظائف إدارية او مكتبية وهنا وجب التنويه الي ان سلّم التقدم في أنواع الوظائف يجب ان يكون بحسب تقدم تدريجي من وظائف الدخول حتى الوظائف الإدارية او الاكاديمية.
سلم التقدم الوظيفي يختلف من مجتمع لآخر او من شركة لأخرى بحسب المتغيرات في سوق العمل الحديث. "هنالك العديد من قصص النجاح لأشخاص وصلوا اعلى الهرم الوظيفي في وقت قصير وفي أحيان أخرى لم يتقدموا بحسب السلم"، الا ان المعادلة الثابتة في اغلب الحالات تتحدث عن التقدم في أنواع الوظائف كما في الهرم أعلاه، كل طالب عمل بدون خبرة مسبقة في كثير من الحالات يواجه صعوبات في إيجاد فرص عمل في مجالات التي تتطلب مهارات مكتسبة، من دون اكتساب الخبرة اللازمة والتي تُكتسب في وظائف الدخول لا يمكن الحصول على الوظائف الأعلى في السلم الهرمي. مثال على بعض وظائف الدخول: عاملو صندوق، مستشاري مبيعات، مجهزي طلبيات، وغيرها من الوظائف التي لا تتطلب المعرفة السابقة في مجال العمل وتكون هي بحد ذاتها شعلة الانطلاق في سيرورة العمل وتشكل الأسس لبناء السيرة المهنية الشخصية.
النوع الثاني للوظائف يسمى الوظائف المهنية والتي يصعب الانخراط فيها بدون تأهيل مهني مناسب، بعض من تلك الوظائف قد لا تستلزم الحصول على التأهيل المهني ولكنها تستوجب خبرة غنّية لعدد من السنوات في مجال الوظيفة ، الامر الذي من شأنه ان يكَمل من معرفة وتجربة طالب العمل في مجال الوظيفة بدلاً من الاستكمال التعليمي او التأهيلي، التأهيل المهني يشكل عاملاً مهما في العصر الحديث والذي اثر بدوره على مفهوم الانخراط في سوق العمل، المجتمع العربي في البلاد شهد العديد من المتغيرات خصوصا لشريحة النساء ان كان في المبنى العائلي ومكانة المرأة فيه او في مفهوم العمل و التعليم، فقد شهد العقد الأخير ارتفاع ملحوظ في معدلات النساء العربيات الأكاديميات واللواتي يتوجهن لاكتساب التعليم الاكاديمي على حساب التأهيل المهني، في ظل هذا التغيير الملحوظ والمنشود أيضا، تكمن إشكالية في التخطيط للمدى البعيد أيضا لدى شريحة الرجال، الامر الذي قد يؤدي الى شح الايدي العاملة والحاجة الى أصحاب الصنع على حساب الشهادات الجامعية. ومن هنا يأتي دور الموجهين المهنيين في إعطاء المشورة لدى الجيل الصاعد في تعلم المواضيع المطلوبة في سوق العمل مع اعطائهم الفرصة لاختيار الموضوع الملائم لمهاراتهم، العديد من الكليات والجامعات قد تبنوا الكثير من المسارات التعليمية والتي تهتم أيضا بإعطاء الطلاب الجامعيين الأدوات والتطبيق العملي في مجالات عدة الامر الذي من شأنه ان يتجاوب مع احتياجات سوق العمل واعلاء نسبة الحاصلين على شهادات جامعية في ان واحد
النوع الثالث للوظائف يسمى بوظائف الأكاديميين من الاسم نستدل على ان المنتسبين لهذه الوظائف يجب عليهم انهاء تعليمهم الجامعي – الاكاديمي، فاذا نظرنا الى الزيادة في نسبة العاملين في المجتمع العربي فلا بد لنا الإشارة الى ان احد العوامل الأكثر تأثيرا على ذلك هو ارتفاع نسبة المتعلمين والمتعلمات فبحسب معطيات دائرة الإحصاء المركزية فان نسبة النساء العربيات العاملات قد شهد قفزة نوعية في السنوات العشر الأخيرة من 24% في عام 2008 الى 35% في العام (2018). يمكننا ربط هذه القفزة لعدة عوامل اخرى، مثل الدعم الحكومي المتمثل في تخصيص الميزانيات للأجسام المختصة وبناء مراكز التشغيل والتوجيه، في ظل التغييرات في سوق العمل الحديث وجب التنويه الى ان الشهادة الجامعية تشكل فارقا مهما للقبول لعدة وظائف.
النوع الرابع للوظائف يتمثل تحت وظائف الإدارة والتي تتضمن إدارة أنشطة، أو وظائف، أو عمليّات مترابطة ومتعاقبة، تهدف إلى تنفيذ رسالة المنظمة، وتحقيق رؤيتها أو طموحها المستقبلي، الحصول على هذا النوع من الوظائف التخطيط وتمثّل هذه الوظيفة اتخاذ كافة التدابير اللازمة من دراسة للعوامل الداخليّة والخارجيّة المحيطة بالمنظمة، من حيث تحديد نقاط القوى والضعف الداخليّة، وتحديد الفرص التي يمكن الحصول عليها واستثمارها لصالح العمل، وتحديد المخاطر التي تهدد وجود المنظمة، وتؤثر بصورة سلبيّة في العمل فيها لوضع أفضل السبل الكفيلة بمقاومتها والصمود في وجهها، ودراسة البيئة الخارجيّة من حيث الوضع السياسيّ والاقتصاديّ، وذلك من منطلق أنّ المنظمة جزء لا يتجزأ من محيطها. الحصول على الوظائف الإدارية ليس بالأمر السهل، فالأمر يتطلب الخبرة في مجال الوظيفة بالإضافة الى المؤهلات الإدارية التي من دونها لما كان النجاح ان يكون – بعض من هذه المهارات اما ان تكون مكتسبة عن طريق استكمالات نظرية او ان تكون قد اكتسبت على مدار سنوات الخبرة في سوق العمل.
خلاصة الحديث، مهما كان الشخص منشغلا في تحديد هويته العملية في سوق العمل فيجب علية المعرفة بان أي مهارة او خبرة قد يكتسبها وان كانت صغيرة او قصيرة الأمد فهي لا بدّ ان تساعده للوصول لوظائف اعلى بحسب سلم التقدم الوظيفي أعلاه
*المقال يعبر عن رأي الكاتب الشخصي وفقا لمصادره واستناداً لخبرته في سوق العمل الاسرائيلي
من المهم التنويه أن موقع رِواق يحترم حقوق النشر ويبذل قصارى جهده لتحديد أصحاب الحقوق في المنشورات او الصور ومقاطع الفيديو أو غيره مما يصل الينا، وفي حال أنكم وجدتم أن لكم صورة او فيديو او منشورا تمتلكون حقوقا فيه، فيرجى الاتصال بنا للتوقف عن استخدامها عبر الخاص في هذه الصفحة أو [email protected] حسب قانون 27 أ(סעיף 27א לחוק זכויות היוצרים)
التعليقات