قبل شهرين وجدت إسرائيل نفسها في وضع طوارئ؛ وقد تعرض استمرار حكم الفرد لنتنياهو لخطر حقيقي، وبدا وضعه السياسي والقانوني وكأنه وصل إلى طريق مسدود. مشروع حياة المتهم من بلفور، نفس “الشخص الفريد” الذي استمر في منصبه حتى أكثر من دافيد بن غوريون، أوشك على الانهيار. التهديد كان واضحاً، وكان المطلوب وسائل استثنائية من أجل التغلب عليه.
لم يكن هناك مناص، مرض معد جداً وليس قاتل جداً تم استغلاله من أجل تحويل إسرائيل إلى دولة استبداد كورونا. المحاكم أغلقت، والكنيست تم تحييدها. الحكومة الانتقالية والكابنت تم إفراغهما من أي مضمون، وتم شل الاقتصاد، والجيش والشاباك والشرطة تم إرسالهم لإحلال النظام، من أجل تعقب المواطنين والتجسس عليهم. وطُلب من هيئة الأمن القومي والاستخبارات العسكرية مناقشة إحباط “عصيان مدني”. وصودرت وسائل الإعلام لصالح صناعة الترهيب، بما في ذلك خطاب يومي للحاكم الوطني.
بعد ذلك بدأت الغارة الحقيقية: كل “النخب” الموهومة تم الانتصار عليها واحدة بعد الأخرى. في البداية تم تجنيد وسائل إعلام، هذا كان أمراً سهلاً. معظمها تحيون منذ زمن. ومنذ سنوات أصبح في جيب نتنياهو المتحكم بمصيرها ومستقبلها. بعد ذلك تم إخضاع النظام السياسي تحت التهديد الفارغ بانتخابات رابعة الذي تم تضخيمه لأبعاد تصل إلى النووي الإيراني أو حدوث كارثة ثانية. هكذا، بخيانة لم يسبق لها مثيل في تاريخ الدولة، تمت سرقة 1.5 مليون صوت لمصوتين أرادوا استبدال نتنياهو لصالح تتويجه.
بقيت العقبة القانونية التي ظهرت كدراماتيكية، لكنها تبددت بسهولة. في البداية برأي جبان للمستشار القانوني للحكومة، وبعد يومين من ذلك المداولات في المحكمة العليا، تبين هناك أن قضاة المحكمة العليا مهما كانوا علماء وخبراء فهم مجرد مجموعة تكنوقراط. وكل أعمال الشغب وصرخات الغضب لليمين حول “النشاط”، “مقاربة موسعة” و”تدخل في الساحة السياسية” كانت زائدة – أو بالعكس، حققت هدفها في الوقت المناسب. يصعب التفكير بمقاربة أضيق مما كانت عليه هذا الأسبوع في قاعة الرخام.
القضاة في الأساس رفضوا النقاش. ليس في التشريع الذي بدأ أو الذي لم يبدأ، وليس في المجال القيمي أو المجال المعياري، ليس في المناسب أو في غير المناسب.
بالنسبة لمن أظهروا الحسرة أو على الأقل فرضوا على أنفسهم مقاربة ضئيلة جداً بالنسبة لمهمتهم وسلطتهم، كان هناك تشتت في صورتهم الذاتية. أظهر القضاة معظم الوقت تواضعاً كبيراً للقوة وتسامياً لا بأس به تجاه البشر. جزء منهم أكثر من التوبيخ، بالأساس ضد الملتمسين. كانت نغمتهم أحياناً مستهزئة وأحياناً مضخمة، تقريباً دائماً كانوا نافدي الصبر. لماذا في الحقيقة؟
القضاة هم من خدام الجمهور، ويحظون بأجر عال ومكانة رفيعة مقابل خدماتهم. الملتمسون ممثلون حسب رأيهم، لمصلحة الجمهور والمصلحة العامة. من هنا يأتي حقهم في المثول أمام المحكمة. لماذا يغضب إلى هذا الحد إذا قاموا أيضاً بطرح أسئلة قيمية وأخلاقية؟ هل هذا فظيع حقاً إلى هذا الحد إذا ذهبوا إلى الخطب أو السياسة أو أظهروا من أعماق قلوبهم خوفاً من تغيير أنظمة العالم؟ ربما يختفي شيء آخر خلف الغضب ونفاد الصبر، ربما فهم أعضاء التشكيلة في أعماق قلوبهم بأنهم شركاء في الاستسلام الكبير، وهم يفرغون العار والإحباط على من جلبوا هذا الأمر إلى بابهم، حيث أصيبوا بالشلل أمام الفيل الذي في الغرفة وساهموا بنصيبهم في تشريع ما لا يمكن تصوره: في دولة إسرائيل هناك متهم بمخالفات جنائية خطيرة يمكنه ومسموح له تشكيل حكومة جديدة والوقوف على رأسها. استر حيوت محقة في صراخها بأن “لن تسقط أي قلعة” لأنه لم تكن هناك أي قلعة كي تسقط.
مع الشرعية الجديدة من قبل وسائل الإعلام والنظام السياسي، وخاتم الشرعنة الثمين للمحكمة العليا، نضجت الظروف لرفع حالة الطوارئ. يمكن العودة إلى روتين الحياة. ويمكن للمتهم الآن الذهاب إلى انتخابات رابعة. الآن، بعد قليل أو عندما يرغب في ذلك.
بقلم: اوري مسغاف
هآرتس 7/5/2020
من المهم التنويه أن موقع رِواق يحترم حقوق النشر ويبذل قصارى جهده لتحديد أصحاب الحقوق في المنشورات او الصور ومقاطع الفيديو أو غيره مما يصل الينا، وفي حال أنكم وجدتم أن لكم صورة او فيديو او منشورا تمتلكون حقوقا فيه، فيرجى الاتصال بنا للتوقف عن استخدامها عبر الخاص في هذه الصفحة أو [email protected] حسب قانون 27 أ(סעיף 27א לחוק זכויות היוצרים)
التعليقات