| 21 تشرين ثاني 2024 | 19 جمادي الأول 1446 هـجرية
  
  
  
الفجر
الشروق
الظهر
العصر
المغرب
العشاء
الخميس - 01 كانون ثاني
0/0
الخميس - 01 كانون ثاني
0/0
الخميس - 01 كانون ثاني
0/0
الخميس - 01 كانون ثاني
0/0
الخميس - 01 كانون ثاني
0/0

أكابر زماننا صغار مجتمعنا

  2018/11/10   11:29
   عائشة غنام-
شارك الخبر مع أصدقائك
طباعة
أضف تعقيب

في يوم من الأيام جلستُ مع صديقات لي، نحادث بعضنا بعضا، في أمور حياتنا اليومية، حتى وصل سيل حديثنا إلى" ظاهرة " متفشية الآن بشكل لافت للنظر، في مجتمعاتنا وبالتحديد بين طلبة العلم، سواء أكانوا طلبة مدارس أو جامعات أو دراسات عليا، ألا وهي إن صح لنا أن نطلق عليها ب"ظاهرة تكبر الطلبة على معلميهم"، ويا للأسف مرضٌ أصاب حتى طلبة الدراسات العليا ومتخرجين منها، فنجلس مع هذا يقلل من شأن ذاك، ونحدث الآخر فإذا به يسخر من علم غيره، يا ويلتاه! وسأسر لكم سرا، فقرب أذنيك لأسر لك، سمعت الكثير من دكاترة وأساتذة ومعلمين في المدارس والجامعات، ينكر فضل معلميه عليه، والأدهى من ذلك يبارزهم من خلفهم، وأمام طلبتهم، ما هذا؟! أجل أجل سمعت الكثير من ذلك، هذه الوقائع ليست بحديثة الوجود، لكن الجديد تبلورها حتى أصبحت ظاهرة منتشرة بين العوام، نحاول حلها وإيجاد الأسباب وراء ذلك.

وبعد هذه الوقائع، نرى أنفسنا أمام مصيبة عظيمة هي أحد أسباب تجاوز طلبة المدارس حدودهم، وقلة احترامهم لمعلميهم، فنحن لا نريد من طلبة العلم أن يصبحوا هكذا، عقولهم خواء من احترام أصحاب الفضل عليهم، لا أقول لهم كونوا كما يقولون" من علمني حرفا كنت له عبدا"، لأنني أيضا ضد هذه المقولة، إلا أن احترامهم أمر مفروغ منه، لا نقاش عليه، بل يا من تطلبون العلم نهارا ليلا، وتذرفون علما من أفضل العلماء، أما آن لكم أن تقدروا أساتذتكم!؟ وخذوا حريتكم كاملة ولن يقف أمامكم أحد إن كنتم تنقدونهم نقدا بناء، لا تقليل من شأنهم، لا تجعلوهم سخرية أمام طلبتهم، بل أيها المعلم ارفع من شأن غيرك أمام الطلبة، حتى لا تصبح أنت في يوم من الأيام تحت زخاتٍ قوية من كلام هؤلاء الطلبة عليك.

وما زاد الطين بلة، الأمر أصبح من صغار الطلبة - طلبة المدارس والجامعات- ولم يقتصر على قلة الاحترام والأدب وقلة الذوق في التعامل معهم، بل تجاوز الحد إلى الضرب ومحاولة التهجم، والشتائم، والإهانة وإنكار أي فضل لهم عليهم، وبشكل متزايد نرى هذا في المدارس الخاصة، إهانة المعلم حتى من المدير ويتم إهانته من الطلبة أيضا، بكل بساطة لأن الطالب في المدارس الخاصة يدفع كثيرا أمام دخوله في هذه المدرسة، وهذه هي خيبات الأمل التي نشاهدها.

كلنا علم بحوادث ضرب الأساتذة من طلبتهم، وجعلت منهم طريحي الفراش، إذا أردنا أن نسأل أنفسنا عن سبب ذلك، ومن المسؤول ، ولما التفاني في تلك الحوادث بمجرد نقل الطالب من مدرسته، أو فصله من الدراسة لفترة وجيزة، كعقاب له، بنظري هذا ليس العلاج المأمول، بل نريد قوانين صارمة لاحترام كرامة المعلم من كل التهجمات عليه، حتى بالتشهير وتشويه سمعة الآخرين، لمجرد مشكلة حصلت بينهم، ولكن هيهات هيهات أن يسمع حديثنا.

وفي حادثة أخرى وبعد أيام المدرسة، ودراستنا بالجامعة، لم يكن يمر يوم من الأيام بدون جلسة تنهك من الأساتذة، سواء من الطلبة أو الدكاترة، ويبدأ الحديث ينهار عليهم، لما كل هذا؟ إن كانوا محقين في كلامهم فلا نلومهم أن يتكلموا باحترام، وبنقد بناء، أما إن كان ذلك  بتهجم وتكليفهم بغير ما يستطيعون عليه، فعلى الدنيا السلام.

والآن أخي الطالب امسك يدي بيدك، فنحن كلنا طلبة نبقى، فاليوم أنت طالب، وغدا معلم، وبعد غد طالب، ودواليك، فلما أنتم يا من تصلون لأعلى درجات العلم، ومراتب العمل الرفيعة، نجدكم غير مستعد لقول كلمة" شكرا" لمن علمكم حرفا، يا صاحبي ما هذا، أيعقل أننا نتصرف هكذا، ونحن طلبة علم، أليس من الواجب علينا أن نتعلم الاحترام كبداية من باب أننا تحت "وزارة التربية والتعليم"، اسمعوا اسمعوا  ذهب المزح الآن  وأتى وقت الجد، كل ما تكلمت به كان حلما في إحدى الليالي، نحن مجتمع فضيل جيد محترم، كل يوم نرى احتفالا بمعلم، ويوما نرى قصيدة باسم ذاك المعلم، فنحن مجتمع مثاليّ، ونريد من كل المجتمعات أن تصبح مثلنا، معلم يحب من علّمه ويقدره ويشكره على ما قدمه له من علم، دائما نذكر من علمنا بالخير، لا نسبهم ولا نحقرهم، ولا نسخر منهم ولا ننسى أصحاب الطبشورة الأولى، أصحاب من مسكوا القلم ويدانا ليعلمونا على كتابة الحرف، فإليكم أطيب التحايا، إلا أنني لا أخفي عليكم فنحن ننقدهم بالشكل الصحيح، أجل أجل هكذا نحن، والحمد لله أن استيقظت من الحلم السيء.

لكن هذا هو الحلم بحد ذاته، تلك الكلمات السابقة هي الحلم الذي أتمنى أن يصبح حقيقة في يوم من الأيام، أتمنى أن استيقظ يوما ما من النوم وأرى مجتمعنا هكذا، أتمنى أن لا تتكرر النماذج الطاغية الآن على تصرفاتنا، فنرى طلبة الثانوية يتخرجون بأعلى العلامات، وبالوقت ذاته ينكرون فضل من علمهم، ويبدأ مسلسل الاتهامات بعدم الإفادة من تدريس المعلمين، ويستمر المسلسل أيضا، بأن الطالب هو من حقق ذاك الإنجاز بجهده ومن غير مساعدة، فأنتم من أين لكم العلم يا ترى؟ أوحي هذا، لكن كلنا نعلم أن الوحي انقطع، إذا مما لكم هذه النجاحات، نعم جهدكم هو أساس في نجاحكم وتعبكم أيضا محسوب، لكن يبقى هناك جنود وراء هذا الإنجاز، ولهم الحق علينا بشكرهم، وهذا حال طلبة الجامعات أيضا بل أسوأ، نتخرج من الجامعات وإذا بالطلبة يتحدثون عن كل شيء سيء بالأساتذة ولا يذكرون ما أجاد تعلميه لهم، أو إيجابيات ذاك الأستاذ، لكنني أرى بعيني يا أكابر فوائد جمة على أنفسكم بعد التخرج، ولتقارن نفسك قبل الدراسة وبعدها وسترى الكثير الكثير مما استفدت منهم، وكل معلم يعلمك لا يعني أن يكون يمتلك كل شيء أو يفيدك في كل المجالات، لكن سوء الطلبة المتخرجين يتهم به المعلمون دائما!!.

إليكم أصحاب العلم الناصع واللؤلؤ المكنون، لا تحلموا كثيرا، واستيقظوا من سباتكم، فلن تصلوا للعلم الناصع الذي نعتُكم به ما دمتم متكبرين منكرين لأصحاب الفضل عليكم، فشكرا لكم وسلام علكيم يا من كنتم سببا في قدرتي على كتابة هذه الكلمات المعدودة .


من المهم التنويه أن موقع رِواق يحترم حقوق النشر ويبذل قصارى جهده لتحديد أصحاب الحقوق في المنشورات او الصور ومقاطع الفيديو أو غيره مما يصل الينا، وفي حال أنكم وجدتم أن لكم صورة او فيديو او منشورا تمتلكون حقوقا فيه، فيرجى الاتصال بنا للتوقف عن استخدامها عبر الخاص في هذه الصفحة أو [email protected] حسب قانون 27 أ(סעיף 27א לחוק זכויות היוצרים)

لإضافة تعقيب الرجاء تعبئة البيانات

أضافة

التعليقات