بدأ البشر يتحولون لمجموعة من الأغبياء في الدول الرائدة وسط هذا الكم من التطور. بكل أسف هذه حقيقة علمية، فعلى الرغم من أن الذكاء لا ينجح وحده، والتقدم الوظيفي لا يدل عليه فقط، فإن اختبارات الذكاء المستخدمة في جميع أنحاء العالم اليوم حقيقية وتقيس أكثر من شكل للذكاء، وسرعة حل المشكلات، والذاكرة قصيرة المدى، وليست القدرة على إجراء عملية حسابية فقط.
أقل ذكاء من أجدادنا
وظهر بالدراسة نقطة تحول وانحدار لما يعرف بتأثير فلين في تباين درجات الذكاء داخل الأسرة الواحدة، وانخفاضها عبر الأجيال، مما يثبت أن التغيرات الكبيرة في متوسط الذكاء تعكس تدخل عوامل بيئية وليس لأسباب وراثية في تكوين الآباء، وهو بدوره يستبعد عدة فرضيات كانت أساسية لعقود في نظرية فلين.
فقديما حدث ارتفاع تدريجي في نسب الذكاء يتبع "تأثير فلين" وهو مصطلح لهذه الفترة بالقرن العشرين التي عاش فيها من هم أذكى منا، واستمر هذا الارتفاع لأكثر من نصف قرن.
ظل ذلك دليلا واضحا على أن الإنسانية تصبح أكثر ذكاءً بمعدل ثابت، وربما يكون البشر قادرين على تعزيز قدراتهم العقلية إلى أجل غير مسمى. وأطلق الباحثون على هذه النظرية "تأثير فلين" تقديرا لجيه آر فلين الباحث الذي أجرى عمليات المسح وجمع النتائج، ووصل تأثير فيلين ذروته منتصف سبعينيات القرن الماضي، وانخفض في العقود التي تلت ذلك. ولكن هذه الأيام يعترف فلين نفسه بأن ازدهار الذكاء في القرن العشرين توقف وبدأ في التراجع.
لماذا ننزلق..؟
منذ اختراع اختبارات الذكاء القرن الماضي كان المعدل يزيد ثلاث نقاط حاصل ذكاء كل عقد، أو أعلى من ذلك في بعض الدول مثل هولندا التي يخضع فيها كل الذكور عند سن 18 سنة لاختبار الذكاء. ونظرا لتطبيق الاختبار كل عام، كان من السهل معرفة أن متوسط الدرجات في ارتفاع حتى سبع درجات في العقد الواحد.
منذ ذلك الوقت لم يحدد العلماء سبب ارتفاع نسب الذكاء، وهل يعكس ذكاء حقيقيا أم انتشارا تدريجيا لبعض المهارات الموجودة بالاختبار حتى اعتاد عليها البشر؟ لكن فضل الباحثون استخدام الجينات كدليل لشرح الاختلافات في الذكاء على العوامل البيئية، بأن الشخص الجاهل ينجب أكثر، وأن الشخص الذكي سينجب طفلا ذكيا بالضرورة، وهي الفكرة التي مازالت سائدة ويتم تطبيقها على الآباء وأطفالهم في اختبارات القبول بالمدارس حتى اليوم، ومع ذلك قلبت الدراسات الأخيرة هذه الافتراضات رأسا على عقب.
فقد درس باحثون من مركز راجنار فريتش للأبحاث الاقتصادية بالنرويج درجات الذكاء لحوالي 730 ألف مواطن ولدوا بين عامي 1962 و1991. ووجد أن المولودين بين عامي 1962 و1975 هم الأذكى، وبينهم الأكبر سنا هو الأذكى بفارق ثلاث درجات للعام الواحد. أما المولودون بعد 1975 فتقل منهم الدرجات بالتدريج للأحدث عمرا، بفارق عشر درجات بين كل عام وآخر.
ووجد أنه بدلا من أن تتشابه معدلات الذكاء بين الإخوة وفق التفسير الجيني للذكاء، كانت نسب الذكاء تختلف بشكل كبير بين الأشقاء من أعمار مختلفة. ولم تظهر الدراسة تباين نسب الذكاء بين أفراد الأسرة الواحدة فحسب، بل أظهرت أن الآباء الذين لديهم معدل ذكاء أعلى يميلون لإنجاب المزيد من الأطفال، مما يستبعد نظرية "الخصوبة الشاذة" وفيها كانت الفئة الأقل ذكاء هي التي تنجب أكثر.
الغباء ينتشر
كشفت مجموعة من الدراسات -التي استخدمت مجموعة متنوعة من اختبارات ومقاييس معدل الذكاء- عن انخفاض درجاتها بالدول الإسكندنافية (السويد، النرويج، الدانمارك، فنلندا، أيسلندا، جزر فارو) وبريطانيا وألمانيا وفرنسا وأستراليا.
وتختلف التفاصيل من دراسة لأخرى، ومن مكان لآخر بالنظر إلى البيانات المتاحة، فيظهر النقص في معدل الذكاء بالنرويج والدانمارك في اختبارات طويلة الأمد على العسكريين. في حين تستند المعلومات حول فرنسا إلى عينة أصغر واختبار مختلف، لكن النمط السائد كان أنه بدءا من مطلع القرن الحالي بدأت العديد من الدول المتقدمة تشهد تراجعا بمعدل الذكاء، مع خوف بقية الدول من غباء شعبها وسط جهل بالأسباب الرئيسية، بحسب الجمعية النفسية الأميركية.
من المهم التنويه أن موقع رِواق يحترم حقوق النشر ويبذل قصارى جهده لتحديد أصحاب الحقوق في المنشورات او الصور ومقاطع الفيديو أو غيره مما يصل الينا، وفي حال أنكم وجدتم أن لكم صورة او فيديو او منشورا تمتلكون حقوقا فيه، فيرجى الاتصال بنا للتوقف عن استخدامها عبر الخاص في هذه الصفحة أو [email protected] حسب قانون 27 أ(סעיף 27א לחוק זכויות היוצרים)
التعليقات