كشفت الحفريات التي تقوم بها سلطة الآثار الإسرائيلية، مؤخرا، عن بلدة ضخمة غربي القدس يعود تاريخها إلى ما قبل 9 آلاف عام.
تم اكتشاف البلدة خلال حفريات أثرية لسلطة الآثار في شارع "1"، قرب مدينة القدس خلال عملية شق شارع "16".
وتبين أن الحديث عن بلدة من العصر الحجري الحديث (العصر النيوليثي)، وهو المرحلة الأخيرة من عصور ما قبل التاريخ أو عصور ما قبل الكتابة. وتؤكد سلطة الآثار أنها البلدة الأكبر في البلاد منذ العصر الحجري الحديث، وإحدى الكبريات في العالم.
وعثر في المكان على آلاف الأنصال (رؤوس السهام) وأدوات الزينة والتماثيل.
تبعد هذه البلدة الأثرية نحو 5 كيلومترات غربي مدينة القدس، على ضفة وادي الصرار أو نهر روبين ("ناحال سوريك" بالعبرية اليوم عــ48ـرب)، وعلى مقربة من سهل خصب، وأيضا على الطريق من وادي الخليل إلى القدس. وبالنتيجة فإن هذا الموقع كان عاملا مركزيا في الاستقرار الطويل الأمد في المنطقة، منذ العصر الحجري القديم قبل أكثر من 20 ألف عام حتى اليوم.
وبحسب د. حمودي خلايلة ود. كوبي فاردي، مديري الحفريات في الموقع من قبل سلطة الآثار، فإنه للمرة الأولى يتم اكتشاف بلدة في البلاد بهذا الحجم من العصر الحجري الحديث، قبل 9 آلاف عام، أي من الفترة التي يطلق عليها تاريخيا "العصر الحجري الحديث ما قبل الفخاري"، والتي تمتد ما بين 10200 حتى 6400 عام قبل الميلاد.
وتشير التقديرات إلى أنه كان يعيش في البلدة ما بين 2000 إلى 3000 شخص، على الأقل، أي ما يوازي مدينة اليوم.
وجاء أنه تم اكتشاف مبان ضخمة تشتمل على غرف سكنية، وأماكن عامة، وأخرى للعبادة، إضافة إلى أزقة بين المباني بما يشير إلى تخطيط متطور للبلدة. كما تبين أنه تم استخدام الطين في بعض الأحيان لأرضية المباني.
وبحب الباحثين في سلطة الآثار فقد عثر في المكان أيضا على مدافن بين البيوت وداخلها. وتبين أنه وضع داخلها أغراض عملية أو ذات قيمة، كانوا يعتقدون أنها ستخدم المتوفي في "العالم الآخر".
ويستدل من الأغراض التي وضعت داخل المدافن أنه في تلك الفترة كانت هناك علاقات تجارية مع أماكن بعيدة، حيث عثر على أغراض خاصة من الحجارة لم يعرف مصدرها، وحجارة السبج (الزجاج البركاني) آسيا الصغرى (الأناضول)، وأصداف بعضها من البحر المتوسط وأخرى من البحر الأحمر.
وعثر أيضا على أساور من الحجارة بعدة أشكال تم تصميمها من قبل فنانين. وبحسب حجم هذه الأساور يتضح أنها كانت تستخدم في مرحلة الطفولة. كما عثر على عقود مرمرية وقلائد وأساور من اللؤلؤ.
وجاء أنه عثر على أدوات حجرية كثيرة مصنوعة من حجر الصوان صنعت في الموقع، وبضمنها آلاف النصال التي استخدمت للصيد وربما للقتال أيضا، وفؤوس استخدمت لقطع الأشجار، وسكاكين حجرية.
وفي داخل البلدة كان هناك مخازن مبنية احتوت على كميات ضخمة من البقول، أبرزها بذور العدس، بما يشير إلى العمل المكثف في حينه في الزراعة. علاوة على ذلك يمكن الاستنتاج بأن تدجين الحيوانات وصلت أوجها في هذه المرحلة، حيث عثر على عظام حيوانات في الموقع بما يشيع إلى أن البشر الذين عاشوا هناك خبروا جيدا رعاية الأغنام مقابل تقلص مكانة الصيد في حياتهم المعيشية.
يذكر في هذا السياق أن العصر الحجري الحديث تميز بما اصطلح على تسميته بالثورة الزراعية أو الثورة النيوليثية في بلاد الشام. وقسم العلماء العصر الحجري الحديث إلى مرحلتين رئيسيتين اعتمادا على صناعة الأدوات الصوانية والأواني الفخارية، وعلى التطورات الاجتماعية والاقتصادية. وكان أهم الأحداث التاريخية في هذا العصر اكتشاف الزراعة وتعلم تدجين الحيوان، وتطوير الأدوات الحجرية، والاستقرار وإنشاء القرى، وبداية استغلال المعادن، وتطور النظام الغذائي للإنسان كنتيجة لازدياد كمية الحصص الغذائية وتنوعها بشكل أكبر من السابق.
وبحسب الباحثين، فإن اكتشاف الموقع يغير كل ما كان معروفا عن المنطقة في ذلك العصر، حيث ساد اعتقاد بأن منطقة برية الخليل كانت خالية، وأن بلدات بهذا الحجم كان قائمة فقط عند نهر الأردن في بلاد الشام شمالا.
وأضافوا أنه جرى توثيق المعثورات في الموقع، الذي يقع على عمق عشرات السنتمترات من سطح الأرض فقط، بتكنولوجيا ثلاثية الأبعاد المتطورة، بحيث يكون بالإمكان مواصلة البحث مع انتهاء الحفريات.
من المهم التنويه أن موقع رِواق يحترم حقوق النشر ويبذل قصارى جهده لتحديد أصحاب الحقوق في المنشورات او الصور ومقاطع الفيديو أو غيره مما يصل الينا، وفي حال أنكم وجدتم أن لكم صورة او فيديو او منشورا تمتلكون حقوقا فيه، فيرجى الاتصال بنا للتوقف عن استخدامها عبر الخاص في هذه الصفحة أو [email protected] حسب قانون 27 أ(סעיף 27א לחוק זכויות היוצרים)
التعليقات