خلص جاريد كوشنر، مستشار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، إلى النتيجة المتوقعة في ختام ورشة «السلام والازدهار» في المنامة عاصمة البحرين أمس بقوله إن «الباب لا يزال مفتوحا» أمام القيادة الفلسطينية، وهو ما ترجمته أن خطته لإقناع الفلسطينيين بالأحلام الوردية للازدهار الاقتصادي مقابل التخلّي عن كفاحهم عشرات السنين لاستعادة أراضيهم المحتلة، وعودة لاجئيهم، وتأسيس دولة ذات سيادة، قد فشلت.
حاول كوشنر إضفاء أهمّية على الاجتماع الذي قام بإخراجه لكنّ الجميع كانوا يعلمون أن ما يحضرونه هو حفلة علاقات عامة، وكان من اللحظات المسلّية في تلك الحفلة تقديم كوشنر شريط فيديو تتحوّل فيه غزة إلى «مدينة أحلام»، وتنهال عشرات المليارات على الفلسطينيين وجيرانهم، وينفتح جسر بين الضفة الغربية وقطاع غزة كلفته خمسة مليارات، ولا يبقى كي يكتمل «الفيلم» إلا إنشاء «ديزني لاند» ضخمة في أحد مخيمات اللجوء الفلسطينية الكثيرة.
إضافة إلى النتيجة الواضحة والفشل المعلن، فقد قدّمت «ورشة المنامة» مشاهد تؤكد طغيان الجانب الهزليّ الأقرب إلى الكوميديا السوداء، والتي تبعث على التعجّب على أكثر من صعيد.
من هذه المشاهد كان ظهور جيسون غرينبلات، مبعوث الرئيس الأمريكي للورشة مع مجموعة من اليهود يؤدون طقوساً دينية احتفالية في كنيس المنامة حيث غنّى مع المصلّين: شعب إسرائيل حيّ، معلقا لاحقاً على تويتر عن الفرصة الرائعة التي توافرت له «للتضرع مع النخبة في الكنيس الموجود في البحرين» معتبراً ذلك «مثالاً للمستقبل الذي نستطيع أن نبنيه معاً»، وهو مشهد لا يستقيم معناه إلا عند مقارنته بالغارات التي يشنّها المستوطنون العنصريون على المسجد الأقصى، والتضييق عليهم في الصلاة فيه، وهو يفسّر «المستقبل» المقصود، حيث تفتح الأبواب لصلوات اليهود في البلدان العربية بينما يضيّق على صلاة الفلسطينيين في أرضهم وفي أقدس بقعة دينية لديهم.
وكان احتفال وزارة الخارجية الإسرائيلية بـ«الناشط السعودي الذي يتحدث العبرية» أحد تلك المشاهد المضحكة ـ المبكية، فالسعودي لؤي الشريف الذي تحدث بالعبرية إلى التلفزيون الإسرائيلي من المنامة، عبّر عن عشقه للغة العبرية «بسبب الأنبياء (عليهم السلام)»، قائلاً أن لغة أنبياء الله مثل «الملك داود، اشعيا، ارميا، دانيال، يوشع»، وهو تصريح اختلط فيه الحابل بالنابل، فلو كان الناشط السعودي يتحدث كمسلم فإن الإسلام لم يذكر بعض هؤلاء الذين ذكرهم باعتبارهم أنبياء، وإذا كان يتحدث كلغويّ فكان يجب أن يعلم أن هذه اللغة العبرية الحديثة ليست هي اللغة العبرية القديمة التي يفترض أن الأنبياء أولئك كانوا يتحدثون بها، وأن بعضهم مثل دانيال وعزرا كانوا يتحدثون الأرامية، والتي هي اللغة الرئيسية في التلمود، والتي كانت اللغة الشائعة لمقاطعة يهودا خلال القرن الأول ميلادي.
ومن المشاهد الأخرى كانت نشر أحد الصحافيين الإسرائيليين تغريدة له مع صورة زجاجة بيرة كتب تحتها بالعبرية «مع البيرة اللبنانية في البحرين… شرق أوسط جديد»، فيما نشر آخر صورة له مع جوازه الإسرائيلي قرب مكتب «الجمعية البحرينية لمقاومة التطبيع مع العدو الصهيوني»، وهو ما ردّ عليه بحرينيون برفع علم فلسطين على أسطح منازلهم، ونشر كثيرون منهم تغريدات للتعبير عن استنكارهم للمؤتمر.
لقد فتحت «ورشة المنامة» الباب فعلاً ولكن ليس للفلسطينيين بل للإسرائيليين كي يصلّوا ويشربوا البيرة ويسخروا من مقاومة العرب للتطبيع، وكل ذلك برعاية الحكومة البحرينية، التي قرر وزير خارجيتها أمس أن الأمر يمكن لفلفته بتغيير المصطلحات، مقترحاً أن الأمر ليس «صفقة» تباع فيها فلسطين، بل «خطة للسلام»!
(رأي القدس)
من المهم التنويه أن موقع رِواق يحترم حقوق النشر ويبذل قصارى جهده لتحديد أصحاب الحقوق في المنشورات او الصور ومقاطع الفيديو أو غيره مما يصل الينا، وفي حال أنكم وجدتم أن لكم صورة او فيديو او منشورا تمتلكون حقوقا فيه، فيرجى الاتصال بنا للتوقف عن استخدامها عبر الخاص في هذه الصفحة أو [email protected] حسب قانون 27 أ(סעיף 27א לחוק זכויות היוצרים)
التعليقات