تعرض مفكّر تونسي مثير للجدل إلى انتقادات جديدة بعدما اعتبر أن صلاة الجمعة «بدعة»، كما اعتبر أن رفع الصوت في الأذان «حرام».
وقال المفكّر يوسف الصدّيق لإحدى الإذاعات الخاصة إن الشرع الإسلامي لا يتضمن وجود «صلاة جمعة»، مشيراً إلى أن الآية الكريمة «يا أيها الذين آمنوا إذا نُودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله وذروا البيع ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون»، لا تكفي لتأكيد وجود صلاة خاصة بيوم الجمعة، وإنما «هي صلاة كغيرها، ويجب ألا تُقام ظهراً (فهذا خطأ تاريخي)، ففي مكة والمدينة كانوا يؤدونها صباحاً وليس ظهراً، كما أن هذه الصلاة ليست مفروضة بدليل قوله تعالى «وذروا البيع» أي أنها لا تمنعك مثلاً من أن تأخذ ابنك للطبيب أو المدرسة».
كما اعتبر الصديق أن الصراخ في الأذان «حرام»، مستدلاً بالآية الكريمة «ادعوا ربّكم تضرّعاً وخفية إنه لا يحب المعتدين»، مقترحاً إحداث جامع في كل منطقة تلافياً لهذا الأمر.
تصريح الصديق أثار جدلاً كبيراً في تونس، حيث قال الداعية بشير بن حسين، في شريط فيديو نشره على صفحته على موقع فيسبوك «الآذان في اللغة هو الإعلام ومنه قوله تعالى: وأذان من الله ورسوله إلى الناس يوم الحج الأكبر، كما قال تعالى «فأذّن مؤذّن» أي أعلن معلن. والأصل هو رفع الصوت في الأذان لأنه نداء، كقوله تعالى: «وإذا ناديتم إلى الصلاة اتخذوها هزواً ولعباً ذلك بأنهم قوم لا يعقلون».
لا ينزعج من صوت الأذان إلا الشيطان. فالأذان شُرّع في العام الأول من الهجرة. ويبدو أن الصديق خلط بين الدعاء والأذان عندما اعتمدوا على الآية: «ادعوا ربّكم تضرّعاً وخفية إنه لا يحب المعتدين». وهو يتعمّد انتحال أقوال وأفعال يخرج بها عن إجماع الامة. وهذا شذوذ فكري من قبيل: خالف تُعرف».
وأضافك «صلاة الجمعة فُرضَت على المسلمين منذ العام الاول للهجرة، ونزلت فيها سورة كاملة هي سورة الجمعة، وأول من أقامها هم الصحابة حيث قالوا إن أهل الكتاب لديهم يوم ونحن لدينا الحق ان نجتمع في يوم محدد، فكان أسعد بن زرارة ومصعب بن الزبير وطائفة من الصحابة يجمعون الناس على طعام ويقف شخص يعِظهم، فلما جاء النبي (ص) صلى اول صلاة جمعة في مسجد سالم بن عوف الذي سُمّي في ما بعد «مسجة الجمعة» وهو في المدينة المنورة. والنبي محمد يقول (في حديث مّثبت): من ترك ثلاث جُمع تهاوناً طبع الله على قلبه بالنفاق».
فيما تهكّم الداعية محمد الهنتاتي على تصريح يوسف الصديق بقوله: «يوسف الصديق يقول إن صلاة الجمعة ليست فرضاً. وصلاة السبت والأحد هل هي فرض أم لا؟ (في إشارة إلى صلاة اليهود والمسيحيين)».
وعادة ما تثير آراء يوسف الصديق، الجدل في تونس، حيث اعتبر في وقت سابق أن «باب النبوة» ما زال مفتوحا، معتبراً أن بإمكان أي شخص أن يصبح نبياً، كما انتقد الخلفاء الراشدين، مشكّكاً بالرواية المتناقلة عن «مثاليتهم» وعدلهم في الحكم. وحذّر أيضاً من «حرب أهلية» قد تتسبب بها الأحزاب الدينية في تونس.
وكتب المحلل السياسي، الحبيب بوعجيلة «يوسف الصديق سُمّي في ساحتنا الصاخبة فيلسوفا (…) سبق أن أعربت عن رفضي لتصنيفه وغيره من «المفكرين اليوميين» على الساحة الإعلامية ضمن هذا الطيف، وليس في الأمر موقف ذاتي أو تعصب للجامعة التونسية وخريجيها المؤكدين (…) القضية تتعلق بتقييم معرفي للمنتوج. في الفكر هناك مفكرون ينتجون المعنى وهناك منتجون للكسور المثيرة المحطوبة ليلاً. شذر مذر دون سبك وتعيير فيكون إنتاجهم أشياء مثيرة ومغرية وجاذبة في الإيحاء بزلزلة الثوابت وارتياد مفازات الفكر النقدي، ولكن عندما تدقق في الأمر تجد أنها بلا معنى».
وأضاف «في المشهد العام، أمثال يوسف الصديق ضروريون مثلما كان فرج فودة وسيد القمني وغيرهم كثير، لكنهم ليسوا كافين لنقول: ها ان «الفكر» و«الفلسفة» نزلت الى الناس. هذا إيهام للرأي العام بنزول الغيث النافع .لا بل يكون الامر مُضراً للفلسفة والعقلانية».
وكتب الحقوقي جمال الدين الهاني «المشكلة مع المراجعية الخاصة بيوسف الصديق هو الدوغمائية النقيضة التي لا تكتفي بالمراجعة، بل تنفي نهائيا وقطعيا ما يؤكده النقليون دوغمائيا وقطعيا. المراجعية هي نقلية غير واعية تُعيد نفس المنهج النقلي الدوغمائي القطعي».
وكان الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي عبّر عن تضامنه مع المفكر يوسف الصدّيق، منتقداً دعوات التكفير والتحريض التي يتعرض لها، فيما اعتبر الصديق أن الإسلام ما زال يعيش في القرن العاشر، معتبراً أن بلاده هي التي ستحفّزه للوصول إلى القرن الواحد والعشرين.
من المهم التنويه أن موقع رِواق يحترم حقوق النشر ويبذل قصارى جهده لتحديد أصحاب الحقوق في المنشورات او الصور ومقاطع الفيديو أو غيره مما يصل الينا، وفي حال أنكم وجدتم أن لكم صورة او فيديو او منشورا تمتلكون حقوقا فيه، فيرجى الاتصال بنا للتوقف عن استخدامها عبر الخاص في هذه الصفحة أو [email protected] حسب قانون 27 أ(סעיף 27א לחוק זכויות היוצרים)
التعليقات