تسعى السلطة الوطنية الفلسطينية من أجل إقناع أوساط يهودية وفلسطينية من الداخل لتأسيسي حزب مشترك يخوض انتخابات الكنيست القادمة أو لتعزيز حزب ” ميرتس ” عبر تجنيد المزيد من الداعمين والمتحالفين العرب له. ويشير مراقبون محليون لـ ” القدس العربي ” أن السلطة الفلسطينية ومن خلال ” لجنة التواصل ” التي يرأسها محمد المدني تعتقد في السنوات الأخيرة أن هناك قيمة إستراتيجية لعمل سياسي عربي – يهودي مشترك يتجاوز موضوع الانتخابات العامة ويفترض أن يدوم على مدار العام. ويؤكد هؤلاء أن السلطة الفلسطينية تتطلع من خلال التحالف المقترح زيادة فرص التغيير والتأثير على السياسات والقرارات الإسرائيلية في قضيتي السلام وتسوية الصراع مع الشعب الفلسطيني والمساواة المدنية للمواطنين العرب الفلسطينيين في الدولة اليهودية والذين يشكلون منذ نكبة 1948 حوالي 17% من سكانها وما زالت مواطنتهم منقوصة ويكابدون فقدان المساواة في الحقوق. من جانبه نفى رئيس لجنة التواصل محمد مدني وجود أي نية للسلطة الوطنية التدخل في انتخابات وشؤون إسرائيلية داخلية وقال : "إن لجنة التواصل تعمل منذ سنوات على توثيق علاقات التواصل بين أبناء الشعب الفلسطيني على طرفي الخط الأخضر وبالتزامن تعميم الحقيقة والرواية الفلسطينية لأكبر عدد من الأوساط اليهودية وتشجع شراكة عربية – يهودية من أجل مواجهة الاحتلال وسياساته. يشار أن محمد المدني من بلدة دبورية قضاء الناصرة داخل أراضي 48 سبق والتحق بالحركة الوطنية الفلسطينية في شبابه وعاد معها بعد عودتها للبلاد غداة توقيع اتفاق أوسلو. وقبل عدة سنوات أصدر وزير الأمن في حكومة الاحتلال أفيغدور ليبرمان مرسوما يقضي بمنع المدني من دخول أراضي 48 بدعوى أن اللقاءات الحوارية التي يقودها مع أوساط يهودية تسعى لزعزعة أسس إسرائيل بطريقة ذكية. وفيما تنظر بعض الأوساط للموضوع وكأنه ” تدخلا خارجيا ” في شأن داخلي ترى أوساط أخرى أن مثل هذا النشاط أمر طبيعي وعادي خاصة أن فلسطينيي الداخل يؤكدون دوما كونهم جزء لا يتجزأ من الشعب الفلسطيني.
أداء وأدوات متقادمة
بالمقابل يشير مراقبون إلى أن السلطة الفلسطينية غير راضية من أداء وسلم أولويات وأدوات عمل الأحزاب العربية في إسرائيل خاصة بعدما تورطت في تفكيك القائمة المشتركة في الانتخابات السابقة في أبريل/نيسان المنصرم. ويوضحون أنه منذ نحو أربعة شهور يرفض الرئيس عباس اللقاء برؤساء هذه الأحزاب تعبيرا عن عدم رضاه من تفضيلها مصالح خاصة وشخصية على المصلحة العامة في تفكيكها ” المشتركة” وتابع أحد المصادر المقربة من العناوين السياسية الفلسطينية في طرفي الخط الأخضر ” السلطة الفلسطينية لن تنشغل بموضوع الانتخابات والأحزاب العربية وإن كانت ترى بأنه من الحكمة السياسية أن يخرج السياسة الفلسطينية بشكل عام عن خطاب المحقين وتتحرك بحكمة وكياسة وصولا لتحقيق الحقوق الوطنية”.
بالمقابل قالت صحيفة ” هآرتس ” أمس إن السلطة الفلسطينية تجري مداولات ومحادثات مع بعض الناشطين ورؤساء الحكم المحلي من فلسطينيي الداخل ضمن معاينتها إمكانية تشكيل تحالف عربي – يهودي جديد أو زيادة تعزيز ” ميرتس “. يشار أن ” ميرتس ” كادت ألا تجتاز نسبة الحسم في الانتخابات الماضية وحظيت بأربعة مقاعد فقط ولولا حصولها على 40 ألف صوت من فلسطينيي الداخل لسقطت واندثرت. و” ميرتس ” حزب يساري صهيوني ليبرالي يعمل من أجل المساواة المدنية ويؤيد إنهاء الاحتلال وتسوية الصراع على أساس إقامة دولة فلسطينية مستقلة في الأرض المحتلة عام 1967 وعاصمتها الشطر الشرقي من القدس.
شراكة مؤثرة
وقالت صحيفة ” هآرتس ” إن بعض رؤساء الأحزاب العربية ينوون التوجه بطلب للرئيس محمود عباس من أجل الحصول على توضيحات والتثبت من صحة ما يشاع وينشر بهذا المضمار. وحسبها يوضح عضو الكنيست السابق طلب الصانع الناشط ضمن لجنة التواصل في السلطة الفلسطينية أنه لا علاقة مباشرة للسلطة الفلسطينية بهذه المداولات وذكر أن رام الله تتابع وتترقب الحلبة السياسية في إسرائيل ولا تخفي خيبة أملها من سلوك الأحزاب العربية بعد تفكيكها القائمة المشتركة. وتابع ” الأحزاب العربية عالقة وجامدة في الحلبة السياسية العربية الداخلية ونحن نعتقد أنه إذا رغبت بالتأثير الحقيقي فلابد من إطار لشراكة عربية – يهودية على قاعدة أوسع مما هو قائم اليوم. حاليا هناك مشاورات وجس نبض فقط حتى تنجلي الصورة الحزبية وتتضح احتمالات تجديد القائمة المشتركة”. وقال رئيس بلدية الطيبة شعاع منصور إن بعض الجهات من لجنة التواصل قد توجهت له في محاولة لفحص إمكانية مشاركته في حزب عربي- يهودي جديد وإنه تمت دعوته لزيارة رام الله وأماكن أخرى في الداخل للتداول بالفكرة المقترحة. وقال شعاع منصور لـ ” هآرتس ” إنه غير معني بخوض الانتخابات للكنيست وإنه مؤيد لتأسيس القائمة المشتركة مجددا لأن حزبا جديدا غير مطروح بهذه المرحلة.
تعزيز ” ميرتس “
ونقلت ” هآرتس ” عن أكاديمي وناشط سياسي معروف استنتاجه بأن السلطة الفلسطينية معنية بتعزيز قوة ” ميرتس ” أكثر من الأحزاب العربية. ورغم أن الجبهة الديموقراطية للسلام والمساواة تعرف نفسها كحزب عربي- يهودي لكن أوساطا فلسطينية في الداخل قالوا للصحيفة إنهم لا يرون بها إطارا ملائما لأنها تتوجه بالأساس للناخبين العرب. ونقلت عن واحد من هذه المصادر محجوبة الهوية قولها إن من يريد تغييرا حقيقيا عليه بناء شراكة حقيقية ولذلك فالاتجاه هو نحو إطار جديد. من جهته قال النائب عن ” ميرتس ” عيساوي فريج من مدينة كفر قاسم إن بعض الجهات التابعة للسلطة الفلسطينية قد توجهت في الانتخابات الأخيرة أيضا من أجل تجنيد دعم ناخبين عرب لـ ” ميرتس ” وتابع ” كانت هناك مداولات مع بعض قادة السلطة الفلسطينية ومع النائب الاسبق طلب الصانع وهؤلاء دعوا لدعم ” ميرتس ” وطلبوا تخصيص مقعد إضافي لمرشح عربي في قائمتنا ولكننا قلنا لهم إن هذا لن يكون”. ونوه فريج أنه مطلع على محاولات تشكيل قائمة عربية – يهودية لكنه لا يعرف ما إذا كانت هذه الاتصالات حقيقية أم أنها وسيلة للضغط على الأحزاب العربية كي تتفق على قائمة مشتركة لا سيما أن ” ميرتس ” منشغل الآن في انتخابات داخلية. ونقلت ” هآرتس ” عن مصادر في الأحزاب العربية وفي لجنة المتابعة العليا قولها إنها أرسلت رسالة للسلطة الفلسطينية أوضحت فيها أن تدخلا من قبلها من شأنه المساس بالأحزاب العربية ولن يعزز بالضرورة قوة ” معسكر السلام ” بنفس الوقت.
منابع التوتر
ونقلت عن مسؤول في تحالف الجبهة الديموقراطية للسلام والمساواة مع الحركة العربية للتغيير بقائديه أيمن عودة وأحمد الطيبي قوله إن التوتر بين الأطراف ينبع من رؤية السلطة الفلسطينية للحلبة السياسية في إسرائيل فقط من زاوية الاحتلال وتتجاهل مصالح أخرى لفلسطينيي الداخل. وتابع ” طالما كانت هناك مشاورات بين قادة فلسطينيي الداخل وبين قادة السلطة الفلسطينية ولكن بين هذا وبين التدخل من أجل بناء حزب جديد المسافة كبيرة وإقامة إطار عربي – يهودي مطروح على الطاولة منذ عدة سنوات وعلى خلفية فك المشتركة حظيت الفكرة بدعم السلطة الفلسطينية لكن تبكير الانتخابات العامة ” خلط الأوراق وأحبط الخطة “.
وقال مسؤول آخر محجوب الهوية من الجبهة الديموقراطية للسلام والمساواة عضو لجنة المتابعة العليا إن الأحزاب العربية ترى الخريطة السياسية بشكل مختلف عن السلطة الفلسطينية. وتابع ” هذه صورة غير حقيقية وكأن السلطة الفلسطينية تؤيد ” المعسكر الديموقراطي ” ونحن المتطرفون نعارض التعاون والشراكة لكننا نقرأ معطيات الواقع في الجانبين اليهودي والعربي ونستنتج أن الميدان غير ناضج لخطوة درامية كالتي تريدها السلطة الفلسطينية وسبق أن عبرنا عن دعمنا لكل تسوية تنهي الاحتلال”. بالمقابل أكد مسؤول بارز في الجبهة الديموقراطية للسلام والمساواة أنها مصابة بحالة تكلس وتقادم من ناحية العمل العربي- اليهود المشترك. وتابع ” هناك قيادات داخل الحزب الجبهة والحزب الشيوعي الإسرائيلي تدفع لدوافع شتى بعضها غريبة نحو خطاب قومي وتهمل أحد أعمدتها الأيديولوجية القائمة على الشراكة العربية- اليهودية ولذا نرى أن كيف يضمحل عدد الرفاق اليهود باستمرار وأخشى أن إطارا عربيا يهوديا جديدا من شأنه أن يكبر ويتمدد وينجح على حسابنا “.
(القدس العربي)
من المهم التنويه أن موقع رِواق يحترم حقوق النشر ويبذل قصارى جهده لتحديد أصحاب الحقوق في المنشورات او الصور ومقاطع الفيديو أو غيره مما يصل الينا، وفي حال أنكم وجدتم أن لكم صورة او فيديو او منشورا تمتلكون حقوقا فيه، فيرجى الاتصال بنا للتوقف عن استخدامها عبر الخاص في هذه الصفحة أو [email protected] حسب قانون 27 أ(סעיף 27א לחוק זכויות היוצרים)
التعليقات