| 23 تشرين ثاني 2024 | 21 جمادي الأول 1446 هـجرية
  
  
  
الفجر
الشروق
الظهر
العصر
المغرب
العشاء
الخميس - 01 كانون ثاني
0/0
الخميس - 01 كانون ثاني
0/0
الخميس - 01 كانون ثاني
0/0
الخميس - 01 كانون ثاني
0/0
الخميس - 01 كانون ثاني
0/0

تفوّق عرب 48 على الضفة والقطاع وعلى اليهود

  2019/05/30   11:16
   سهيل كيوان
شارك الخبر مع أصدقائك
طباعة
أضف تعقيب

تظاهر المواطنون العرب الفلسطينيون يوم أمس الإربعاء أمام مقر الشرطة الإسرائيلية القطري في يافا- تل أبيب، وذلك احتجاجاً على انتشار جرائم إطلاق النار في القرى والمدن العربية، وتزايد ضحاياها، وما وصفوه «تقاعس الشرطة في الكشف عن المجرمين وفي محاربة العنف». ويرى الكثير من الباحثين والناشطين في الحقل السياسي والاجتماعي، أن العنف والهدم الذاتي هما الخطر الأكبر الذي يواجهه مجتمع عرب 48 على وجوده منذ عام النكبة.

لقد تحول مجتمع عرب 48 من شبه آمن وخالٍ من جرائم القتل إلا ما ندر، إلى مجتمع عنيف جداً مقارنة بالأشقاء المحاصرين في قطاع غزة، وبمجتمع الضفة الغربية تحت إدارة السلطة الفلسطينية، فقد وقعت في الضفة الغربية عام 2018 أربعة وعشرون جريمة قتل، وفي قطاع غزة سبعة وثلاثون في عام 2017، بينما وقعت 76 جريمة قتل في عام 2018 بين عرب 48، ليتفوقوا بهذا على قطاع غزة والضفة الغربية مجتمعين وبفارق كبير، كذلك فهم يتفوقون على المجتمع اليهودي في الجريمة بكل أنواعها، حيث يشكل العرب 67% من عدد جرائم القتل في داخل إسرائيل، وإذا أخذنا الفارق العددي، نجد أن جرائم القتل عند العرب خمسة أضعاف مثيلتها عند اليهود، وقد قُتل منذ بداية العام الحالي على خلفيات جنائية حوالي ثلاثين شخصاً عربياً بينهم ست نساء. هنالك عوامل كثيرة مساعدة لانتشار الجريمة لوجستية وسياسية وأهمها.

*أولا هناك سهولة كبيرة في الحصول على السلاح كالمسدس مثلا، هذه تجارة منتشرة جداً تحت سمع وبصر أجهزة الأمن، والحديث عن عشرات آلاف القطع ويقال مئات الآلاف، فبعدما كانت حيازة رصاصة واحدة تودي بصاحبها إلى السجن، صار الحصول على مسدس أو بندقية في متناول من يريد وبسعر معقول، ومصدر معظم هذه الأسلحة هو الجيش الإسرائيلي باعتراف أجهزة الأمن نفسها.

*ثانيا، شعور مستخدمي السلاح بعدم جدية الشرطة في ملاحقتهم، فهناك جرائم وقعت كانت شبه مُعلنة، بل كان بالإمكان منعها، ولم تجر ملاحقة جدّية لا قبل ولا بعد تنفيذها، هذا ينعكس في نسبة الجرائم التي جرى الكشف عن مرتكبيها، وهذا يشجع على استعمال السلاح في حل الخلافات، مهما كانت صغيرة وحتى سطحية.

*ثالثا، العقوبة المخفّفة التي تنزل بالقاتل إذا ما ألقي القبض عليه، فهو قد يحكم بالسجن لمدة خمسة عشر عاماً أو أقل، وإذا حسُن سلوكه داخل السجن يحصل على تخفيض الثلث، الأمر الذي يعني قضاء عشر سنوات، وفي حالات كثيرة أقل من عشر سنوات في ظروف سجن مقبولة ومتسامحة جداً.

*رابعاً: انحسار دور جاهات الصلح العربية التقليدية، التي كانت تحكم بين المتخاصمين، وتلزم أسرة القاتل على دفع ديّة لذوي القتيل، بل كانت تحكم على أسرة القاتل بالرحيل من البلدة، ريثما يتم الصلح، هذا الرادع المجتمعي انتهى، إلا في ما ندر.

السؤال الذي يطرح ما هو المنطق في تساهل أجهزة الأمن في مكافحة الجريمة بين العرب؟ الإجابة واضحة ولا تحتاج إلى ذكاء كبير، فالسلطة العنصرية تريد أن ترى هذه الأقلية غير المرغوب فيها أصلا، متصارعة في ما بين أفرادها وعائلاتها، وأي خدمة أكبر من هذه الخدمة التي يقوم بها المجرمون الذين يحوّلون حياة الناس إلى قلق مستمر؟ العنف يؤدي إلى اليأس والإحباط والانشغال بالأمور الثانوية عن الأمور الأساسية، إضافة إلى أنه يشجع على الهجرة، خصوصاً لدى الجيل الشاب الذي يرحل منه كثيرون إلى أمريكا بهدف جسّ النبض، ولكنهم عادة ما يمكثون هناك ويستقرون في دول مثل أمريكا وكندا وأستراليا وألمانيا، وهذا ما ترحب به السلطات الإسرائيلية. انتشار الجريمة يلتقي مع الهدف من سياسة التضييق على المواطنين العرب في مجالات عدة أهمها السكن والبناء، التي تهدف لخلق أحياء فقر، تؤدي إلى ضغوطات نفسية، فالأماكن المزدحمة سكانيا، أكثر إنتاجاً للعنف من غيرها، وبالتالي تشجع على إضعاف تماسك المجتمع، وتؤدي إلى العنف والبحث عن خلاص فردي بدلا من العمل الجماعي المنظّم. تحتجّ الشرطة في تقاعسها بأن المواطنين العرب لا يتعاونون معها في الكشف عن الجرائم، إلا أن من حاولوا تقديم شهادات ضد مجرمين في الشرطة، أو قاعات المحاكم تعرضوا للتهديد وحتى للقتل، ما يعني أنه لا توجد حماية من الشرطة لمن يشهد ضد المجرمين.

يعتبر المسؤولون الأمنيون بشكل غير مباشر أن انتشار الجريمة هو نوع من العقاب الجماعي للعرب، الذين يرفض معظمهم الخدمة في الأجهزة الأمنية. بمعنى أن تحمّلوا يا عرب نتائج رفضكم الخدمة. إذا كان القانون الرسمي قد وضع العرب دستوريا في درجة أقل من اليهود، فهل نأمل من وزارة شرطة تابعة لجهاز يعلن عنصريته بأن يحارب الجريمة بين هذه الفئة من المواطنين ذوي الدرجة الثانية؟ في النهاية فإن الجوهري والأساسي هو أن المجتمع الفلسطيني داخل إسرائيل جزء لا يتجزأ من القضية الفلسطينية ككل، ويعتبر لدى حكومات إسرائيل المتعاقبة معضلة يجب التخلص منها، أو التخفيف من حدّتها بشتى الوسائل، ويأتي العنف الداخلي ليقدم خدمته لهذه السياسة على طبق من رصاص، ولكم أن تتخيلوا بماذا يحلم نتنياهو ووزاؤه للعرب الفلسطينيين ولأجيالهم القادمة.

لقد أنشأ بعض الناشطين في بعض البلدات العربية خيام اعتصام احتجاجاً على تواطؤ الشرطة، كذلك تجري وقفات احتجاج أسبوعية على مفارق الطرق، وأمام مراكز الشرطة، إلا أننا ما زلنا في بداية طريق طويل وشائك في حلقة أخرى من حلقات الصراع الدائر على تراب وطننا الذي لا وطن لنا ولن يكون لنا سواه.
 


من المهم التنويه أن موقع رِواق يحترم حقوق النشر ويبذل قصارى جهده لتحديد أصحاب الحقوق في المنشورات او الصور ومقاطع الفيديو أو غيره مما يصل الينا، وفي حال أنكم وجدتم أن لكم صورة او فيديو او منشورا تمتلكون حقوقا فيه، فيرجى الاتصال بنا للتوقف عن استخدامها عبر الخاص في هذه الصفحة أو [email protected] حسب قانون 27 أ(סעיף 27א לחוק זכויות היוצרים)

لإضافة تعقيب الرجاء تعبئة البيانات

أضافة

التعليقات