قبل نحو أسبوع فقط كانت إسرائيل في حالة جنون أمني في الجنوب. مئات الصواريخ، مئات آلاف الأسرى في أيدي حماس. العبارة الممجوجة التي تقول إن إسرائيل ترد النار وتضرب أهدافاً في غزة، تبنتها الحكومة مرة أخرى، وهذه أقوال فارغة من المضمون. لقد تركت الحكومة الجنوب لمصيره أمام رحمة حماس. ليس لديها استراتيجية بنيوية، وهي ترتجل. وهذه الارتجالات مصيبة.
الحكومة عالقة في مفهوم قومي ـ ديني وغير قادرة على أن ترى الواقع كما هو. معقول الافتراض بأن الحكومة التالية ستكون أسوأ منها. إن من يوهم نفسه بأن لغزة حلاً عسكرياً فهو لا يعرف عما يتحدث. يمكن احتلال كل غزة. وماذا بعد، هل ستحكم إسرائيل مليوني نسمة؟ غزة هي لبنان الثاني. لن يكون هناك هدوء طالما المفهوم العسكري هو السائد. حقيقة هي أنه بواسطة السلاح الأكثر بدائية، البالونات الطائرة، ينجح الفلسطينيون في تجنين كل الدولة.
الاحتكاك اليومي معهم، سيؤدي إلى ضحايا كثيرين دون تحقيق أي هدف إيجابي. ينبغي للمرء أن يقرأ ما قاله اللواء احتياط غادي شماني في الماضي: «قرار الكنيست الضم بالتشريع… سيفسر في المنطقة والساحة الدولية كقرار قومي لهجر استراتيجية المفاوضات، لتثبيت الحقائق بشكل أحادي الجانب وطرق الباب على الانفصال المستقبلي عن الفلسطينيين.
هذه الرسالة ستشطب ما تبقى من مبرر فلسطيني داخلي لمواصلة التعاون الأمني… وستخلق فراغاً أمنياً تملأه محافل عنيفة بأعمال الجريمة والإرهاب… لن يكون هناك مفر من السيطرة المتجددة للجيش الإسرائيلي على المنطقة كلها، بملايين سكانها الفلسطينيين. هكذا نكون نحن مسؤويون عن انهيار السلطة الفلسطينية.
وإذا كان همنا انهيار السلطة الفلسطينية، فينبغي التشديد على حقيقتين أساسيتين: الأولى، نتنياهو ورفاقه يتخذون سياسة فرق تسد بين غزة والسلطة الفلسطينية، من شأنها أن تؤدي إلى انهيار السلطة. نتنياهو يفهم ما المعنى، ولكن سياسته لا تتغير. مقابل ذلك، فإن غزة هي نوع من ورقة المساومة بالنسبة لحكومة إسرائيل ضد السلطة الفلسطينية.
الحكومة التالية ستكون أكثر تشدداً بكثير إذا أخذنا بالحسبان حقيقة أن أحزاب اليمين الهاذي تتحدث على رؤوس الأشهاد عن ضم يهودا والسامرة وغزة أيضاً. ولما كان نتنياهو سيقيم الحكومة التالية كحكومة حصانة ضد تقديمه إلى المحاكمة، فإن احتمال ضم كل المناطق عال جداً.
إن الحل المعقول للغاية الذي ينبغي التطلع إليه، كما ورد في مخطط العمل السياسي ـ الأمني الذي وضعه معهد بحوث الأمن القومي، فهو «تحسين وضع إسرائيل الاستراتيجي ومنع التدهور في المنزلق نحو واقع الدولة الواحدة». وقد كتب في المخطط أن «البديل الأكثر استقراراً، الذي سيسمح لإسرائيل بأن تتصدى لتحديات المستقبل بالشكل الأفضل، وتحافظ فيه على طابعها ومصالحها الأساسية والأمنية، هو ذاك الذي يدفع إلى الأمام بالانفصال السياسي والإقليمي عن الفلسطينيين نحو واقع دولتين للشعبين».
هذا ليس الحل المثالي، ولكنه الأكثر واقعية. صحيح أن إسرائيل تركت قطاع غزة بدعم من نتنياهو، ولكن غزة تحت سيطرة إسرائيلية وثيقة جداً. طالما لم يتغير الوضع، فإن الوضع سيسوء. حكومة إسرائيل التالية، كما أسلفنا، ستقرب إسرائيل إلى شفا الهاوية.
البروفيسور تشيلو روزنبرغ
مؤرخ وخبير في الأمن القومي
معاريف 14/5/2019
من المهم التنويه أن موقع رِواق يحترم حقوق النشر ويبذل قصارى جهده لتحديد أصحاب الحقوق في المنشورات او الصور ومقاطع الفيديو أو غيره مما يصل الينا، وفي حال أنكم وجدتم أن لكم صورة او فيديو او منشورا تمتلكون حقوقا فيه، فيرجى الاتصال بنا للتوقف عن استخدامها عبر الخاص في هذه الصفحة أو [email protected] حسب قانون 27 أ(סעיף 27א לחוק זכויות היוצרים)
التعليقات