عشية الذكرى السنوية للمحرقة النازية، يقول تقرير إسرائيلي إن الكراهية لليهود ترفع رأسها من جديد، وتتفاقم اللاسامية في العالم. فيما تتصدر الولايات المتحدة قائمة الدول التي شهدت في عام 2018 أخطر الاعتداءات على اليهود.
وحسب التقرير الصادر عن مركز كانتور لدراسة اليهودية في أوروبا التابع لجامعة تل أبيب بالمشاركة مع الكونغرس اليهودي الأوروبي، فقد تم تسجيل ارتفاع بكافة صنوف الاعتداءات على يهود في العالم مما يعزز شعور بالقلق على أمنهم الشخصي ومكانتهم داخل المجتمعات التي يعيشون بينها كأفراد وكجماعات وبوجود حالة طوارئ لديهم.
جاء ذلك في مؤتمر صحافي شارك فيه موشيه كانتور رئيس الكونغرس اليهودي الأوروبي، ودينا بورات، رئيسة مركز ” كانتور”.
وضمن التفاصيل التي قدماها في المؤتمر في جامعة تل أبيب، كشف عن قتل 13 يهوديا خلال 2018 في العالم، وهو العدد الأكبر مقارنة مع سنوات خلت. كما قالا إن نسبة الاعتداءات على اليهود في العالم زادت بنسبة 13% حيث ارتفعت من 342 اعتداء عام 2017 إلى 387 في 2018.
وتقود الولايات المتحدة الدول الأكثر اعتداء على اليهود. وحسب التقرير شهدت في العام المنصرم 100 حادثة لاسامية تليها بريطانيا مع 68 حادثة وفرنسا 35، وكندا 20، وبلجيكا 19، وهولندا 15 وأوكرانيا 12، والأرجنتين 11. وقال محررا التقرير إن غرب أوروبا يشهد اعتداءات مضاعفة عما يشهده شرق أوروبا في السنوات الأخيرة حيث إن اعتداءات قليلة حصلت فيها بهذه الفترة.
اليمين واليسار المتطرفان والإسلام الراديكالي
ويستدل من هذا التقرير أن أكثر حالات الاعتداء هي أعمال تخريب فوضوية (56%) وتهديدات (23%) وأعمال عنف (14%). كما يشير تقرير لاعتداءات على الكنس والمحال التجارية ومقابر ونصب تذكارية ومراكز جماهيرية يهودية.
ويزعم التقرير أن تسلل اللاسامية لتيارات سياسية واجتماعية قد حولها لجزء من الواقع وأمر عادي. وتابعت: “اللاسامية لم تعد فقط جزءا من المثلث المركب من اليمين المتطرف، اليسار المتطرف والإسلام الراديكالي”. كما يشير التقرير أيضا إلى أن الخطاب المعادي للصهيونية قد دخل لمركز النقاش الجماهيري زاعما أن هناك استخداما لمصطلحات لاسامية وعدوانية تجاه إسرائيل التي تنسب لها مميزات يهودية تقليدية.
يشار إلى أن هناك جهات إسرائيلية ويهودية أيضا تتحفظ من مساع إسرائيلية رسمية وغير رسمية لتحويل كل نقد شرعي لإسرائيل وللاحتلال لـ”لاسامية” في محاولة لكم الأفواه ومنع النقد، أبرزهم رئيس الكنيست الأسبق أفراهام بورغ الذي سبق وحذر من استمرار إسرائيل استخدام المحرقة منجما سياسيا واستغلالها لأغراض دعائية وذلك في كتابه “انتصرت على هتلر”.
العدوان على غزة
ويقول التقرير إنه رغم عدم نشوب نزاع عسكري بين إسرائيل وبين الفلسطينيين منذ “الجرف الصامد ” عام 2014 تتواصل بل تتزايد مظاهر اللاسامية. متجاهلا الحصار على غزة والجرائم اليومية بحق الفلسطينيين في الضفة وغزة، يستنتج معدا التقرير من ذلك ضرورة مراجعة العلاقة السببية المزعومة بين النزاع المسلح وبين ازدياد مظاهر كراهية اليهود في العالم”.
وبهذا السياق حملت صحيفة “يديعوت أحرونوت” على قائد حزب العمال البريطاني جيرمي كوربين واتهمته بالتورط مجددا بمواقف معادية لليهود. وعللت ذلك بالقول إنه كتب في 2011 مقدمة لطبعة جديدة لكتاب “إمبريالية” الذي كتب عام 1902 للكاتب جون أتكينسون هوبسون، يحتوي مضامين لاسامية كالقول إن اليهود يسيطرون على عالم المال والبنوك في أوروبا. وقالت الصحيفة إن الزعيم العمالي البريطاني كتب في مقدمته قبل أربع سنوات من ترؤسه حزب “العمال” أن الكتاب مبدع ومحط خلاف”.
وجاء في الكتاب حسب “يديعوت أحرونوت” أن الأشخاص المنتمين لذات العرق (اليهود) هم أصحاب تجربة عمرها قرون في الناحية المالية ولذلك هم يسيطرون على سياسات الأمم”. وقالت إن قادة اليهود في بريطانيا وجهوا رسالة غاضبة ادعوا فيها أن “الادعاء بأن اليهود يسيطرون على المال والإعلام والمصارف هو زعم عنصري خالص” وطالبوا كوربين بتوضيحات. لكن حزب “العمال” سارع للدفاع عن كوربين بالقول إنه “امتدح الادعاءات السياسية الأوسع في الكتاب لا جزيئيات فيه متطرقا للفكر السياسي في النص كله لا لأقوال لا سامية”.
عوامل تفاقم اللاسامية
رسميا وبهذا السياق اعتبر رئيس إسرائيل، رؤوفين ريفلين، أن “معاداة السامية تتغلغل إلى قلب القيادة الأوروبية”، مشددا على أنه “لا يجب أن تكون هذه القوى حليفتنا”، فيما لجأ رئيس حكومتها، بنيامين نتنياهو، إلى الفزاعة الإيرانية وقال إننا “نعمل على تشكيل تحالفات ضد نظام قاتل”، متجاهلا هو الآخر جرائم الاحتلال قال ريفلين في خطاب له في ذكرى المحرقة، التي أحيتها دولة الاحتلال أمس إن “أوروبا اليوم، مثل أجزاء أخرى في العالم كله، تغير وجهها من جديد وتطاردها أشباح الماضي”. مدعيا أن “نظريات التفوق العرقي، ونقاء العرق القومي، كراهية الغرباء، معاداة للسامية مستفزة من اليمين واليسار، في جميع أنحاء أوروبا”.
وتابع: “اليهود ليسوا على شفا محرقة ثانية، لكن من المستحيل تجاهل معاداة السامية الجديدة القديمة التي عادت لترفع رأسها من جديد في جميع أنحاء أوروبا، مدفوعة بموجات الهجرة والأزمات الاقتصادية وخيبة الأمل من المؤسسة السياسية”. وقال ريفلين أيضا إنه من الواضح في شرق وغرب أوروبا كيف يتم إعادة إحياء الحركات والأفكار المعادية للسامية والعنصرية، التي تجد طريقها إلى الحكومات والبرلمانات الأوروبية”.
التحالفات مع العنصريين
وبعكس موقف نتنياهو المتحالف مع القوى اليمينية العنصرية، وذات التوجهات الفاشية في شرق أوروبا، يقول ريفلين إن القوى السياسية التي تستخدم معاداة السامية والعنصرية كجزء من لغتها، تراثها وروحها، أبدا لا يجب أن تكون حليفتنا. وتابع متسائلا إن “لم نتعلّم أن نكون واضحين وحازمين في ذلك، كيف يمكننا أن نطلب من شعوب العالم تحمل المسؤولية وتربية الأجيال الشابة على ذكرى المحرقة ودروسها؟”.
من جهته اعتبر نتنياهو أن “التقدير والتضامن الذي تحظى به الدولة اليهودية في العالم يترافق بموجات معينة مع الكراهية. وقال إن اليمين المتطرف، واليسار المتطرف والإسلام المتطرف يتفقون على أمر واحد، وهو كراهية اليهود. وأضاف متجاهلا تحالفاته مع الجهات التي ينتقدها: “هذا ما عبرت عنه الاعتداءات على الكنس، استباحة المقابر، نشر كاريكاتورات ومقالات تفوح بالكراهية تجاه إسرائيل أيضا في الصحف التي تعتبر بأنها محترمة. في شيطنة سامة وساخرة تقوض بشكل متواصل الشرعية والدولة القومية للدولة اليهودية”.
فزاعة إيران
وكرر نتنياهو التلويح بخطاب الضحية واستخدام الفزاعة الإيرانية بالقول إن “طهران تبعث لنا ليلا ونهارا رسائل التهديد للقضاء علينا. نحن لا نتجاهلها. لكننا لا نرتدع منها. على مدار سنوات وقفنا وحدنا أمام العالم ضد الاتفاق النووي الخطير. لكننا اليوم نجني ثمار الإصرار”.
وأضاف نتنياهو: “مارسنا ضغوطا مكثفة على الساحة الدولية لمواجهة التهديدات الإيرانية بتدميرنا، إسرائيل لن تقدم رقبتها للذبح، على عكس ما حصل في المحرقة نحن قادرون على حماية نفسنا بقوانا الذاتية، جيشنا قوي وقادر على التغلب على أعدائنا. على النقيض مما جرى في المحرقة، نحن نعقد التحالفات ضد نظام استبدادي يهدد سلام منطقتنا، وطرق الشحن، ويهدد السلام العالمي على الإطلاق”. يشار إلى أن إسرائيل شهدت ضجة واسعة في مطلع الأسبوع الجاري بعد الكشف عن كلية دينية في مستوطنة يؤمن الحاخامات فيها بنظرية التفوق العرقي، وقالوا إن اليهود يتفوقون عرقيا، والعرب يحبون العبودية، وإن هتلر كان على حق في نظرية التفوق العرقي.
ما علاقة ترامب باللاسامية ؟
بالمقابل وعلى خلفية كل ذلك، نفى السفير الأمريكي في إسرائيل دافيد فريدمان أمس وجود علاقة بين ارتفاع اللاسامية في الولايات المتحدة وبين فوز دونالد ترامب بالرئاسة معتبرا ذلك زعما سخيفا. وقال فريدمان للإذاعة الإسرائيلية العامة إنه لا يعتقد أن الولايات المتحدة هي مكان خطير لليهود.
وتابع: “منذ بداية فترة ترامب حاولت بعض الأوساط الربط بينه وبين جهات يمينية متطرفة ولم يمر وقت كبير حتى أن متطرفي اليمين أيضا ناهضوا ترامب وقالوا إنهم ضده. أرفض كل محاولة لتحويل اللاسامية لأمر سياسي. لا علاقة للرئيس ترامب باللاسامية فهذا مرض متفشٍ في العالم منذ قرون. علينا أن نبذل قصارى جهدنا من أجل حماية كل الأقليات وأنا على قناعة أن الرئيس ترامب هو أحد المعارضين البارزين لها “.
وتعقيبا على أحداث معادية لليهود في الفترة الأخيرة، قال فريدمان إن الولايات المتحدة مكان أكثر أمنا لليهود من دول أخرى، وإن الموضوع هو هل نستطيع تحمل فقدان حياة شخص واحد؟”.
وتابع: “هذا أمر لا أحد يستطيع تحمله يهوديا كان أو غير يهودي وعلينا العمل أكثر لتربية جيل يحترم الآخر ويبدي تسامحا تجاهه بصرف النظر عن ديانته أو مميزات أخرى لديه. وقاد فريدمان أمس بعثة أمريكية إلى بولندا للمشاركة في مسيرة لإحياء ذكرى المحرقة النازية. وعن ذلك قال: “أؤمن بهذه المسيرة وأنا فخور بمشاركة عدد كبير من السفراء الأمريكيين فيها وهذه رسالة قاطعة ضد اللاسامية أينما كانت وليس هناك طريقة أفضل لإرسال هذه الرسالة من المشاركة باستذكار المأساة الأكبر التي تعرض لها اليهود في تاريخهم، الكارثة”.
من المهم التنويه أن موقع رِواق يحترم حقوق النشر ويبذل قصارى جهده لتحديد أصحاب الحقوق في المنشورات او الصور ومقاطع الفيديو أو غيره مما يصل الينا، وفي حال أنكم وجدتم أن لكم صورة او فيديو او منشورا تمتلكون حقوقا فيه، فيرجى الاتصال بنا للتوقف عن استخدامها عبر الخاص في هذه الصفحة أو [email protected] حسب قانون 27 أ(סעיף 27א לחוק זכויות היוצרים)
التعليقات