يصعب الحديث في "الأراضي المحتلة عام 1948"، عن وجود عمل صحافي حقيقي، يواكب الأحداث السياسية -الاجتماعية -الثقافية، ويطرحها للنقاش في الحيّز العام، لتنتقل من مجرّد خبر عابر إلى حدث يستحق الالتفات إليه ومناقشته. حيث يمكننا الحديث هنا عن صحافة مع قسم أحداث وقسم تجاري، ينقل الأول أخبار القتل والسرقة وحوادث السيّر. أما الأخير فيسوّق لحملات انتخابيّة ومحلات تجاريّة ومنتجات جديدة بالسوق. وعادة ما يكون مصدر الأول -في حالتنا- الناطق باسم الشرطة الإسرائيليّة أو خبر غير مؤكد على شبكات التواصل الاجتماعي. أما الأخير؛ فمصدره المعلن الذي يفرض شروطه عادّة على المؤسسة الإعلاميّة -التي لا تمتلك مصدر دخل غير هذه الإعلانات- لتموّل نشاطها. بالتالي يمكننا الحديث هنا عن محاولات لإيجاد صحافة، لا عن صحافة حقيقية.
لذلك، تعتبر "الصحافة المحليّة" اليوم في مأزق حقيقي على مستويات عديدة، وأهمها الاقتصادي؛ إمّا أن تنصاع لشروط المعلن أو أن تبحث عن المموّل الأقرب إلى توجهاتها – عادة ما يكون في حالتنا الأحزاب والحركات السياسيّة- أو أن تحارب من أجل البقاء وأن تتنازل عن جزء من أرباحها لتقدّم صحافة حقيقيّة لا تخشى من "حرد" المعلنين. وإذا استطاعت الصحافة تجاوز المأزق الاقتصادي وقررت أن تناقش هموم المجتمع ومشاكله اليوميّة الحقيقيّة الغير مُفكر فيها، كالعنف والاستغلال والفساد وغيرها، من الممكن أن تعرض صحافييها لخطر رصاص المستغل والمجرم والفاسد والمدافع عنهم...
إذا ما المطلوب؟ ببساطة، المطلوب اليوم أن تكون الصحافة قادرة على التحدي، وطرق جميع الأبواب المُغلقة وطرح كل قضايا وهموم المجتمع.. تُقدّم محتوى يخرج من الشارع لا من المكاتب المكيّفة، لا تخشى الحديث عن فساد السياسي ولا عن استغلال المُعلنين -عندها- للعمّال، ولا عن التمييز ضد المرأة في الشارع والمدرسة والعمل.. صحافة منحازة غير حياديّة، تنحاز للقضايا والثوابت الوطنيّة، وللمهمشين من المجتمع وقضاياهم.. الأهم ألف مرة من خبر افتتاح فرع جديد لشبكة اقتصادية ضخمة، صحافة تدعم الثقافة والفنون وتنحاز لها.. صحافة قادرة على التوازن بين السياسي والثقافي والاجتماعي.. تلتزم بمعايير صحافيّة مهنيّة ولغة عربيّة سليمة. وبالطبع التحديات أمام هذا النموذج من الصحافة كثيرة، لكنها ليست مستحيلة. وهذا ما نأمله؛ التعهد لنا كقُرّاء بصحافة تلتزم بمخاطبة عقولنا وتقدّم لنا محتوى جديد... صحافة تعيش في أزقة الشوارع وبين الناس، ولا تراقبنا من بعيد... صحافة لنا لا علينا....
وهذا ما نأمله من رواق...
من المهم التنويه أن موقع رِواق يحترم حقوق النشر ويبذل قصارى جهده لتحديد أصحاب الحقوق في المنشورات او الصور ومقاطع الفيديو أو غيره مما يصل الينا، وفي حال أنكم وجدتم أن لكم صورة او فيديو او منشورا تمتلكون حقوقا فيه، فيرجى الاتصال بنا للتوقف عن استخدامها عبر الخاص في هذه الصفحة أو [email protected] حسب قانون 27 أ(סעיף 27א לחוק זכויות היוצרים)
التعليقات