| 26 تشرين ثاني 2024 | 24 جمادي الأول 1446 هـجرية
  
  
  
الفجر
الشروق
الظهر
العصر
المغرب
العشاء
الخميس - 01 كانون ثاني
0/0
الخميس - 01 كانون ثاني
0/0
الخميس - 01 كانون ثاني
0/0
الخميس - 01 كانون ثاني
0/0
الخميس - 01 كانون ثاني
0/0

اقتطاع أموال الفلسطينيين: خطاب الآية 39 وبداية الكابوس الإسرائيلي

  2019/04/20   08:51
شارك الخبر مع أصدقائك
طباعة
أضف تعقيب

تكاد حكومة جديدة للسلطة الفلسطينية بالسر أن تؤدي اليمين القانونية يوم السبت.
في غزة يرفضون الاعتراف بها، لأنها لم تعين إثر انتخابات حرة. أما في الشارع فكان رد الفعل مهيناً أكثر. الجماهير غير مكترثة بل وفي معظمهم لا يعرفون بأن مكنسة جديدة، محمد اشتيه اسمها، عين لإدارة شؤونهم. 21 وزيراً في هذه الحكومة، 16 منهم جدد. وحرص اشتيه على تشكيلة متنوعة. إلى جانب القدامى، مقربي الرئيس، عين رجال أعمال، ممثلي أحزاب مدنية، بعض أصلهم من غزة، وثلاث نساء.
د. اشتيه دليل على أن التعيينات التي ليست في إطار الإجراء الديمقراطي لا تكون سيئة على الإطلاق، فهو المرشح الأكثر ملاءمة للمنصب من بين كل البيروقراطيين الذين يحيطون أبو مازن. فهو متفكر، ذو ألقاب جامعية في الاقتصاد وإدارة الأعمال، له تجربة سياسية ومقرب من الرئيس. في شبابه، كان ضمن الفريق الفلسطيني لمحادثات أوسلو. مرتان شغل منصب وزير البناء والإسكان. أما الدكتوراة في بحوث التنمية فقد حققها في جامعة ساسكس بإنجلترا. سلفه، هو الآخر، د. رامي الحمد الله، أكاديمي استدعي إلى السياسة.

إن التحدي الأكثر جدية الذي يقف أمامه اشتيه هو اقتصادي. لديه خطة احتياطية لتشجيع الإنتاج وتنمية الاقتصاد من الداخل. غير أنه لسوء حظه، ما في يديه قليل جداً. وهو كفيل بأن ينجح في دمج خريجي الجامعات في السوق الخاصة وتشجيع الناتج القومي الخام، ولكن في نهاية المطاف، فإن القرارات عن المال الكبير هي في القدس.
في المقاطعة هذه الأيام من ينظر إلى السماء يرى سحباً متكدرة. يدعي اشتيه بأن إسرائيل والولايات المتحدة شرعتا ضد السلطة بحرب نقدية. فقد قلص الأمريكيون ميزانيات الدعم للسلطة الواحدة تلو الأخرى وسحبوا من وكالة الغوث 370 مليون دولار في السنة. الأونروا، رغم المشاركة السياسية التي ارتبطت باسم الوكالة، مسؤولة عن اقتصاد مئات آلاف العائلات في غزة والضفة. ففي القطاع مثلاً، هي المشغل الأكبر بعد حكومة حماس.
مع إسرائيل الأزمة أكثر تعقيداً. هذه أزمة جديدة، ولهذا السبب فإن آثارها ليست معروفة بعد في الخطاب العلني. وهي خطيرة على السلطة في المدى القصير، وخطيرة على إسرائيل بعد ذلك. في كل شهر تحول وزارة المالية إلى السلطة نحو 800 مليون شيكل، معظمها أموال الضريبة التي تجبيها إسرائيل من مشغلي العمال. ولكنها أموال السلطة وهي تستحقها وفقاً للملحق الاقتصادي لاتفاقات أوسلو. وهي تحتاجها مثلما تحتاج إلى الأكسجين. وفي حساب سنوي، يدور الحديث عن 9 مليار شيكل تقريباً نحو نصف الميزانية السنوية للسلطة.

على كل الصندوق

نشبت مؤخراً أزمة حادة بين رام الله والقدس. فقد قررت حكومة إسرائيل مكافحة الدعم المالي الذي تمنحه السلطة لعائلات الأسرى الأمنيين وعائلات الشهداء. قانون جديد قضى بأن كل شيكل تدفعه السلطة للعائلات وللأسرى يخصم من مبالغ الضرائب التي تحول إليها.
وكان قانون اقتطاع أموال الإرهاب اتخذ في صيف 2018، ونفذ لأول مرة عشية الانتخابات. بالمتوسط، يدور الحديث عن 40 مليون شيكل في الشهر. في رام الله غضبوا. أنتم تمدون اليد إلى جيبنا وتسرقون أموالنا، قال أبو مازن ورجاله لكل إسرائيلي حل ضيفاً عنده. السجناء والشهداء، كما حاولوا الشرح، هم خط أحمر. حتى لو بقي شيكل واحد في صندوق السلطة، سيذهب إلى مخصصات السجناء. ليس بسبب المبدأ بل بسبب الاضطرار. فالسجناء والشهداء هم مخربون وقتلة أطفال في نظرنا نحن الإسرائيليين، ولكن المجتمع الفلسطيني يرى فيهم مقاتلي استقلال بقوا في الخلف.
المشكلة هي أن أبو مازن قرر السير في هذه القضية على كل الصندوق. هو ورجاله بلغوا إسرائيل إما كل شيء أو لا شيء. إذا حسمت أموال السجناء فلا تحولوا شيكلاً واحداً من كل ما تبقى. وهكذا نشأت في الشهرين الأخيرين حفرة من مئات ملايين الشواكل في صندوق السلطة. ويضاف هذا العجز إلى أموال الدعم الأمريكي التي اقتطعت في أثناء 2018.
في القدس حاولوا إجراء مناورة. فقد بعثت المالية بالمال إلى رام الله رغم معارضة السلطة. وفي الغداة اتصل أحد مقربي أبو مازن وبصوت غاضب طلب من محادثه في الطرف الإسرائيلي أن يستعيد مئات الملايين. تعيش السلطة على السحب الزائد من البنوك. وهي مدينة بالمليارات لبنك فلسطين. في رام الله يتابعون بدهشة الاتصالات بين إسرائيل وحماس. نحن نتعاون مع الجيش والمخابرات الإسرائيلية في القضاء على العمليات، يقولون، وبالمقابل، نعاني من وقع ذراعكم؛ أما حماس، بالمقابل، فتنغص حياتكم، وأنتم تمنحونها الهدايا.
سيقول الإسرائيلي المتوسط لنفسه، ما الذي يهمني. فلينهاروا. المشكلة هي أنه منذ شهرين تقتطع رواتب موظفي السلطة بالنصف. والموظفون الذين يتلقون 1.000 شيكل في الشهر وجدوا أنه أودعت في حساباتهم مئات الشواكل. وفي الأشهر القادمة، إذا استمرت الأزمة سيتوقف دفع الرواتب. في المدى الأبعد، يمكن لهذا الوضع أن يعرض للخطر الاستقرار الأمني في المناطق. جهازا الأمن في السلطة، المخابرات العامة والأمن الوقائي، شريكان للشاباك وللجيش الإسرائيلي في إحباط العمليات ضد الإسرائيليين. تصوروا أن يجد هؤلاء الضباط والعاملين أنفسهم فجأة عاطلين عن العمل بسبب أزمة بين رام الله والقدس، بدايتها في قانون اقتطاع أموال المخربين.
في سيناريو متطرف، فإن هذه القصة بداية الكابوس الإسرائيلي. السلطة تنهار مالياً، ويذهب موظفوها أدراج الرياح. الاقتصاد الفلسطيني يجف مثلما في غزة. وفي رام الله لن يكون رب بيت ولا عنوان. أبو مازن الذي يدعو في كل خطاباته إلى عدم استخدام العنف سيكون رئيس سلطة بلا سلطة. رجاله لن يتعاملوا بقبضة حديدية مع الجمهور ولن يتمكنوا من لجم الشبان المتمردين، ببساطة لأنه لن يكون له رجال.
القرار الآن في يد حكومة إسرائيل. هل ستصر على مواصلة اقتطاع مخصصات السجناء وعائلات المخربين، أم تتراجع وهكذا تستقر السلطة. المشكلة في أساسها مشكلة صورة. اذهب وتراجع عن موقفك الآن، بعد استعراض التصميم الذي أبداه وزراء الحكومة على هذا القرار قبل الانتخابات. إحدى الإمكانيات التي ينظر فيها الآن هي إجراء تحكيم دولي بين إسرائيل والسلطة. إذا نجح، «ستضطر» القدس إلى التراجع بضغط من التحكيم. يقود الخطوة الفرنسيون. فعندهم وقع الملحق الاقتصادي لاتفاقات أوسلو والمسمى «اتفاقات باريس».

آية من القرآن

في رام الله يشعرون هذه الأيام بخطر الانهيار الاقتصادي. في الخلف ينتظر نشر خطة السلام لترامب. تفاصيلها الكاملة لم تنقل إلى الطرفين، ولكن حسب كل المؤشرات فإن قسمها التجاري سيكون متطوراً على نحو خاص. فهي ستضمن للفلسطينيين الكثير من المال، الاستثمارات الأجنبية ومحركات نمو لم يحلموا بها ولكنها ستطالبهم بالتنازل في مسألة القدس والحدود. ترامب لن يضعها على الطاولة وينتظر الأجوبة. وقد يمارس عليهم ضغوطاً شديدة للموافقة عليها. وعندما تتعلق الضغوط بالمال، يمكن للسلطة أن تقف عند موقفها فتنهار ببطولة. وعندما يتعلق الأمر بالقدس، لم يولد بعد الزعيم الفلسطيني الذي يساوم عليها.
السبت، انطلق احتفال «القدس عاصمة الثقافة الإسلامية». هذا حدث سنوي، برعاية السلطة الفلسطينية، يستهدف إبداء الحضور في المدينة، وإظهار الصلة التاريخية بالثقافة الإسلامية والعربية، في عصر تجتاز فيه تهويداً. والخطاب الذي ألقاه أبو مازن بالمناسبة بدأ بتلاوة آية من القرآن. الرئيس ليس متديناً، واستخدام آية قرآنية في بداية خطابه، مثلما درج زعماء الدين ليس اعتيادياً. كانت هذه آية 39 في سورة الحج في القرآن. «أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بأنهُمْ ظُلِمُوا ۚ وَإِنَّ اللَّهَ عَلَىٰ نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيَارِهِم بِغَيْرِ حَقٍّ»، ولاحقاً: « وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُم بِبَعْضٍ لَّهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا ۗ».
قلة من الفلسطينيين استمعوا إلى الخطاب. فالفلسطيني البسيط غارق في شؤونه. ولكن استخدام الآية يستوجب البحث. فأي قسم منها هو الأساس من ناحية أبو مازن؟ هل هو الإذن الذي يتحدث عن حق المظلومين في القتال، أم الدفع الذي يعنى بملاحقة المؤمنين والمس بالعبادة؟ وإذا كان القسم الأول، الخطير، فهل هذا هو مجرد تحذير للإسرائيليين أم أمر لجماهير الفلسطينيين؟ لا يمكن أن نعرف ما الذي مر على رأس أبو مازن حين اختار هذه الآية، ولكن يمكن القول إن هذا الوقت ليس ككل الأوقات.
فبإحساسه إذا لم تطرأ انعطافة، ففي هذه الأيام سيخرج الفلسطينيون من الحرية إلى العبودية.

جاكي خوجي
معاريف 19/4/2019


من المهم التنويه أن موقع رِواق يحترم حقوق النشر ويبذل قصارى جهده لتحديد أصحاب الحقوق في المنشورات او الصور ومقاطع الفيديو أو غيره مما يصل الينا، وفي حال أنكم وجدتم أن لكم صورة او فيديو او منشورا تمتلكون حقوقا فيه، فيرجى الاتصال بنا للتوقف عن استخدامها عبر الخاص في هذه الصفحة أو [email protected] حسب قانون 27 أ(סעיף 27א לחוק זכויות היוצרים)

لإضافة تعقيب الرجاء تعبئة البيانات

أضافة

التعليقات