ويحكي الكتاب الصادر حديثا بعنوان "شركة كوشنر المحدودة.. الجشع والطموح والفساد" قصة "الأمير والأميرة الأميركيين" وصعودهما السريع والاستثنائي إلى موقع السلطة في البيت الأبيض.
وتنقض وارد الأسطورة التي خلقها الزوجان اللذان يصوران نفسيهما صوتا عقلانيا في رئاسة مجنونة، ويكشف الكتاب أن جاريد وإيفانكا ليسا كذلك بل يكسران القواعد والقوانين والأخلاق.
وتتبع وارد مسار كوشنر من نيوجيرسي ونيويورك إلى البيت الأبيض، معتبرة أن الزوجين اتبعا أجندة يمكن أن تزيد ثروتهما ولكن بقيت أفعالهما بدون رادع، ولم يتمكن أي شخص -بمن في ذلك الرئيس نفسه- من إيقافهما.
من الهولوكوست للبيت الأبيض
وتروي الفصول الأولى للكتاب تاريخ عائلة كوشنر بدءا من الجد جوزيف الذي نجا بأعجوبة من الهولوكوست في بولندا وهاجر إلى الولايات المتحدة في منتصف الأربعينيات من القرن الماضي، وأصبح رجل أعمال عقاريا كبيرا في نيوجيرسي.
ويتناول الكتاب دور اليهودية الأرثوذكسية في العائلة، والسعي للمال والنفوذ الذي انتقل بدوره إلى الأميرين جاريد وإيفانكا أو كما تسميهما الكاتبة أحيانا "جافانكا".
تزوجت إيفانكا عام 2009 من جاريد كوشنر، ولهما ثلاثة أطفال، واعتنقت اليهودية بعد زواجها، وورث الأميران -بحسب المؤلفة- مزيجا من الجهل والغطرسة وافتقاد الخبرة وشهوة السلطة ونفوذا واسعا يهدد الديمقراطية الأميركية.
وعرّف تشارلز كوشنر والد جاريد باعتباره مطورا عقاريا، أسس مجموعة شركات كوشنر في عام 1985، وفي عام 2005 أدين بمساهمات غير مشروعة والتهرب الضريبي والتلاعب بالشهود، وقضى 14 شهرا في السجن الفدرالي، واستأنف مسيرته في مجال العقارات بعد إطلاق سراحه.
وقرر تشارلز أن يقتحم الابن جاريد عالم مدينة نيويورك وأن يشتري مبنى مكاتب مؤلفا من 41 طابقا في وسط مانهاتن بنيويورك وأن يتزوج من فتاة غنية أرادت العائلة أن تكون فتاة يهودية تقليدية، وهنا يأتي دور الأميرة إيفانكا.
وبقية القصة هو ما يعرفه الجميع، فقد أصبح الأمير والأميرة يملكان موقعا في البيت الأبيض ويهمسان في أذن الرئيس، ويتآمران على خصومهما في الإدارة ويقاطعان الاجتماعات الرسمية ويعقدان صفقات مشبوهة مع الزعماء الدوليين الذين يمكنهم المساعدة في توسعة جيوبهما، وكذلك تبني أجندة سياسية داعمة لإسرائيل.
وتفترض المؤلفة أنه بالنظر لهذا السياق فإن دور جاريد في السلام في الشرق الأوسط يعد واقعا مرعبا، فهو يعمل كأنه يدير شركته التجارية لتعظيم أرباحه الخاصة، ويبدو أن رئيسه الحقيقي هو نتنياهو وكل ما يتعلق بمصالح اليهود وإسرائيل، بحسب الكتاب.
وللتدليل على مدى حب كوشنر لإسرائيل يلفت الكتاب النظر إلى واقعة جرت بعد أن اشترى كوشنر أسبوعية الـ"نيويورك أوبزيرفر" (New York Observer)، إذ كتب بيانا عما يجب أن تكون عليه الصحيفة الأميركية، كان نصفه تقريبا عن دعم إسرائيل.
وتنقل المؤلفة كذلك ما جرى في الاجتماع بين كوشنر والمبعوث الأميركي الخاص جيسون غرينبلات مع المسؤولين الفلسطينيين في مايو/أيار 2017 عندما قال كبير المفاوضين الفلسطينيين صائب عريقات لكوشنر إنه شعر بأنه "يتعامل مع وكلاء عقارات وليس الولايات المتحدة" فأجاب كوشنر "أنت لم تتصالح مع السياسيين، ربما تحتاج إذًا إلى شركة عقارية".
وعلى الجانب الآخر، تعتقد إيفانكا أنها تستحق الطيران على الطائرة الرئاسية الأميركية "إير فورس وان" (Air Force One) وقتما تشاء، وعلى الرغم من عدم وجود أفكار وقيم وخبرة سياسية لديها فإنها تعتقد أنها ستكون رئيسة الولايات المتحدة، بحسب الكتاب.
وإضافة إلى ذلك، فإن الأمير والأميرة لا يقرآن، والكتب الوحيدة في منزلهما هي المتعلقة بالتصميم الداخلي، ويتناول الكتاب الكثير من التفاصيل عن عائلة كوشنر والعلاقات بين أفرادها.
ويظهر الكتاب أن دين جاريد هو قوة دافعة رئيسية لكل ما يفعله، إضافة بالطبع إلى ضم المزيد من الثروة والنفوذ لمحفظة عائلته، وتتشابك قراراته مع ولاء عائلته وديانتها ورغبته في تعزيز ثرائها وقوتها.
في المقابل، يبدو أن إيفانكا -وهي الابنة الأولى لترامب- تحظى بالاهتمام وينصب تركيزها على كيفية تقديم نفسها، فهي بحاجة إلى أن ينظر إليها على أنها جميلة وعصرية ومحبوبة من الجميع
خطة السلام
وبحسب الكتاب، تضمنت خطة جاريد كوشنر للسلام في الشرق الأوسط مشروعا كبيرا لتبادل الأراضي يحصل الفلسطينيون فيه على أراض أردنية، في حين يتم تعويض الأردن بأراض سعودية بالمقابل.
وفي فصل مليء بالمفاجآت يشرح الكتاب تفاصيل أول رحلة خارجية قام بها الرئيس الأميركي دونالد ترامب، حيث زار السعودية، وبحسب الكتاب فإن الرياض من المفترض أن تلعب دورا مهما في دعم خطة كوشنر للسلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين.
ولم يذكر الكتاب ما إذا كانت خطة مبادلة الأراضي لا تزال ضمن خطة السلام التي تقول الإدارة الأميركية إنها لن يتم طرحها إلا بعد الانتخابات الإسرائيلية الحالية.
إجمالا، يروي الكتاب خلفيات العائلة المتميزة والدوافع وتشابكات الثنائي "جافانكا"، لكنه يفتقر في كثير من الأحيان إلى المصادر أو لا يصرح بها، فأغلب الـ220 شخصا الذين قابلتهم المؤلفة من أجل كتابها لم يتم التصريح بأسمائهم أو اكتفت بالقول إنهم "شركاء مقربون" أو "أصدقاء العائلة" أو حتى "شخص" أو لا يذكر أحد على الإطلاق.
كما أن كثيرا من الأفكار الواردة في الكتاب بخصوص الزوجين تبدو متأثرة بمشاعر ومواقف ستيف بانون الذي كان أحد المنافسين الرئيسيين للزوجين في الإدارة الأميركية، كما تتجاهل المؤلفة أحيانا التدقيق في المعلومات الواردة أو التحقق من مصداقيتها.
المصدر : الجزيرة
من المهم التنويه أن موقع رِواق يحترم حقوق النشر ويبذل قصارى جهده لتحديد أصحاب الحقوق في المنشورات او الصور ومقاطع الفيديو أو غيره مما يصل الينا، وفي حال أنكم وجدتم أن لكم صورة او فيديو او منشورا تمتلكون حقوقا فيه، فيرجى الاتصال بنا للتوقف عن استخدامها عبر الخاص في هذه الصفحة أو [email protected] حسب قانون 27 أ(סעיף 27א לחוק זכויות היוצרים)
التعليقات