في تطور لافت، أعلن رئيس لجنة الانتخابات التركية تقدم مرشح حزب الشعب الجمهوري المعارض في انتخابات رئاسة بلدية إسطنبول الكبرى التي شهدتها تركيا أمس الأحد على حساب مرشح حزب العدالة والتنمية الحاكم، وهو ما أثار أسئلة بخصوص تراجع الحزب الحاكم في واحد من معاقله الانتخابية.
وحصل أكرم إمام أوغلو على 4 ملايين و159 ألفا و650 صوتا، متقدما بـ27 ألفا و315 صوتا عن مرشح حزب العدالة والتنمية بن علي يلدرم الذي حصل على 4 ملايين و131 ألفا و761 صوتا، وفقا لما أعلنه رئيس لجنة الانتخابات سعدي غوفن، وذلك في نتائج تثير الكثير من الجدل، في ظل التناقض بين ما أعلنته لجنة الانتخابات ومعطيات الفرز الإلكتروني التي تشير إلى تقدم يلدرم.
ما الذي حدث؟!
ووفقا للقراءات الرقمية، فإن حجم الكتلة التصويتية لحزب العدالة والتنمية لم تتراجع في إسطنبول بل حققت تقدما بحصول يلدرم على ما نسبته 48.7% من أصوات الناخبين مقابل 47.9% حصل عليها مرشح الحزب قادر توباش الذي فاز في انتخابات العام 2014.
ويفسر هذا الارتفاع بحصول يلدرم على أصوات أنصار حلفاء الحزب من "الحركة القومية" الذين تقدر كتلتهم التصويتية بنحو 8% كمتوسط للانتخابات التي خاضوها منفردين دون تحالف مع الحزب الحاكم.
في المقابل، حقق حزب الشعب الجمهوري التقدم الأكبر في الانتخابات، فرفع نسبة أصواته بإسطنبول من 40% في انتخابات العام 2014 إلى 48% في هذه الانتخابات.
ويعود هذا الارتفاع -وفقا لقراءات متعددة جمعتها الجزيرة نت- إلى ارتفاع حدة الاستقطاب في الانتخابات البلدية الذي وحد الجمهور المعارض للرئيس التركي رجب طيب أردوغان خلف مرشح المعارضة الأقوى أكرم إمام أوغلو، وهي قراءة يعززها التدني الكبير في نسبة التصويت لمرشحي المعارضة الآخرين في إسطنبول.
كما يعود التقدم إلى الصعود اللافت للحزب منذ انتخابات الرئاسة الأخيرة حين حصل مرشحه محرم إنجة على أكثر من 30% في انتخابات الرئاسة التي فاز فيها أردوغان في 24 يوليو/تموز 2018، وهي النسبة الأعلى لمرشح الجمهوريين في آخر 12 عاما.
وتعزز النتيجة التي حققها حزب الشعب الجمهوري في أنقرة الإشارة إلى عودته للتقدم، حيث رفع حجم كتلته التصويتية من 43% في انتخابات العام 2014 إلى 50% في انتخابات أمس وضم بلدية العاصمة إلى البلديات التي يديرها أيضا.
أسباب أخرى
ويعتقد بعض المراقبين أن يلدرم أخفق حين ركز حملته الانتخابية على تطوير البنية التحتية لإسطنبول استنادا إلى خبرته وتاريخه المشهود في هذا المجال بتركيا، في حين صب إمام أوغلو اهتمامه على ملفات أكثر تلامسا مع احتياجات الشارع الآنية، كقضايا التعليم والمساعدات الاجتماعية والغذاء والغلاء.
ولا شك أن ما واجهته تركيا من أزمات اقتصادية مؤخرا تجلت في ارتفاع مستوى التضخم والبطالة وغلاء الأسعار وانخفاض سعر صرف الليرة أمام الدولار قد تركت بصمات واضحة داخل الصناديق.
وخلال السنوات الأخيرة ظهرت الكثير من المؤشرات على إمكانية تراجع حزب العدالة والتنمية في معاقله الرئيسية بإسطنبول، إذ خسر الحزب قلعته الحصينة "باشاك شهير" في التصويت على استفتاء تعديل الدستور عام 2017.
ويقول محللون إن الحزب أصيب بالإرهاق بعد سيطرته الطويلة والمتواصلة على مفاصل الدولة، وبعد فوزه في كافة المحطات الانتخابية منذ عام 2002.
وخلال هذه المرحلة خسر الحزب العديد من كوادره من جيل الآباء المؤسسين الذين توجه بعضهم إلى توجيه نقد لاذع لسياسات الحزب ورئيسه أردوغان، مما أفقد قواعد الحزب الكثير من زخمها التاريخي.
ويرى بعض الباحثين أن الحزب يعاني من أزمة مع جيل الشباب التركي الذي لم يعاصر حالة البلاد قبل وصوله إلى الحكم، وهو جيل متقلب المزاج سريع الحكم مختلف المتطلبات عن الأجيال السابقة.
جدلية إسطنبول
ولا يبدو تقديم قراءة رقمية دقيقة بشأن نتائج الانتخابات في إسطنبول أمرا ممكنا حتى ساعات صباح الاثنين، إذ ما زالت معطيات الفرز الإلكتروني للجنة الانتخابات المركزية تشير إلى تقدم يلدرم على منافسه أكرم إمام رغم تناقض ذلك مع إعلان رئيس اللجنة لحسم الجدل بشأن إسطنبول تحديدا.
لكن رئيس لجنة الانتخابات اضطر للخروج وإعلان موقفه بعد حالة الجدل السائدة حيال نتيجة الولاية، بعدما أعلن مرشح العدالة والتنمية بن علي يلدرم ليلة أمس رسميا فوزه في الانتخابات.
وتصاعد الجدل بشأن الأمر عندما دعا رئيس حزب الشعب الجمهوري كمال كليتشدار أوغلو مرشح حزب العدالة والتنمية الحاكم بن علي يلدرم إلى التريث، قائلا إن النتائج تشير إلى تقدم مرشح حزبه في الصناديق.
واختلطت الأمور أكثر بعد "خطاب الشرفة" الذي ألقاه الرئيس أردوغان الليلة الماضية معلنا فيه الفوز بالانتخابات دون الإشارة صراحة إلى تحقيق حزبه فوزا في إسطنبول.
من المهم التنويه أن موقع رِواق يحترم حقوق النشر ويبذل قصارى جهده لتحديد أصحاب الحقوق في المنشورات او الصور ومقاطع الفيديو أو غيره مما يصل الينا، وفي حال أنكم وجدتم أن لكم صورة او فيديو او منشورا تمتلكون حقوقا فيه، فيرجى الاتصال بنا للتوقف عن استخدامها عبر الخاص في هذه الصفحة أو [email protected] حسب قانون 27 أ(סעיף 27א לחוק זכויות היוצרים)
التعليقات