استغلت وسائل الإعلام الإسبانية فترة التوقف الدولي الأخيرة على أكمل وجه، بإثارة الجدل والتكهنات حول مستقبل أبرز النجوم المُرشحة للانتقال للعملاقين ريال مدريد وبرشلونة في فترة الانتقالات الصيفية المقبلة، وأيضا المُحتمل خروجهم من جنة «سانتياغو بيرنابيو» و»كامب نو»، بالأخص أولئك الذين سيُضحي بهم الفرنسي زين الدين زيدان، في ما هو معروف إعلاميا بـ»مذبحة النجوم» المُنتظرة في النادي الملكي، لتدشين مشروع الخطة الخمسية الجديد، بعد إصابة جيل «لا ديسيما» بالشيخوخة الكروية بحكم تقدم أغلبهم في العمر.
أول المغادرين
بالنظر لأكثر اسم توقفت عنده جُل وسائل الإعلام الإسبانية، باعتباره أبرز المُرشحين لعدم الظهور في الليغا الموسم المقبل، كان صانع ألعاب برشلونة فيليب كوتينيو، الذي تّحول فجأة لصداع مُزمن في رأس المدرب أرنستو فالفيردي، وبحسب ما ذكرته المصادر التي تحظى بمصداقية لا بأس بها في كتالونيا، كصحيفة «موندو ديبورتيفو» و»سبورت»، وغيرها من المنابر الإعلامية المُقربة جدا من مجلس إدارة «البلو غرانا»، فإن بقاء الشاب البرازيلي لموسم آخر، بات أمرا مُعقدا إن لم يكن مُستحيلاً، والسؤال الذي يفرض نفسه. ماذا أصاب كوتينيو بعدما حقق حلمه بارتداء قميص فريقه المُفضل؟ أو بصيغة أكثر شفافية، لماذا فشل مع برشلونة؟ في الحقيقة، هي صدمة وكارثة بكل المقاييس بالنسبة لمجلس الإدارة قبل الجماهير، أولاً، خسارة مالية فادحة. لو نتذكر، تكلفة انتقاله من «أنفيلد» ليفربول، الى «كامب نو»، تخطت حاجز الـ100 مليون جنيه إسترليني، كثالث أغلى صفقة في التاريخ بعد مواطنه نيمار جونيور والجوهرة الفرنسية كيليان مبابي، وللأمانة، كان من الصعب جدا، اتهام الإدارة ببعثرة المال في الهواء، نظرا للصورة التي رسمها اللاعب لنفسه في السنوات الخمس التي قضاها بين جدران أحمر الميرسيسايد، كواحد من أمهر وأفضل نجوم البريميرليغ في تلك الفترة، والمفارقة الحقيقية، أن أسلوبه تطور بشكل مُذهل، وصل لحد تطابق نسخة لاعب الوسط النموذجي لأسلوب لعب سحرة برشلونة، وما أعطى مؤشرات أنه سيكون الخليفة المُنتظر للرسام أندريس إنييستا، بدايته الموفقة، التي أسفرت عن تسجيله 10 أهداف في 22 مباراة.
لكن منذ تلك اللحظة، تغيرت حياته في الإقليم المُتمرد من النقيض للنقيض، والسبب، الإصابة السيئة التي تعرض لها في مثل هذه الأيام العام الماضي، بعدها اهتزت الأرض تحت قدميه، تارة بتوظيف غير موفق من المدرب، الذي عدّل إستراتيجيته من 4-4-2 بشكلها الكلاسيكي لـ 4-3-3، لاستغلال «استفاقة» عثمان ديمبيلي، وتارة أخرى لهبوط مستواه، وكأنه رفع الراية البيضاء، أو ربما تأكد أنه سيكون خارج حسابات النادي الموسم المقبل، لصعوبة تَحمل راتبه الضخم (10.5 مليون إسترليني في الموسم)، في الوقت، الذي أدمن فيه الجلوس على مقاعد البدلاء، ولا يُعطي إضافة حقيقية، وإن صدقت التقارير التي أشرنا إليها أعلاه، ستكون وجهته المقبلة واحدة من ثلاث. الأولى، الأفضل والأكثر تماشيا مع العقل والمنطق، وهي العودة لناديه السابق ليفربول، حتى لو على سبيل الإعارة مع احتفاظ الريدز بحق الشراء بعقد دائم، إذا عاد إلى «سطح القمر» مرة أخرى، وهذا ليس بالأمر الصعب بالنسبة له، ودعك من أنه لن يستغرق وقتا للتكيف على أجواء «أنفيلد»، من الناحية الفنية، فريق يورغن كلوب وإستراتيجيته، متأثرة تماما، بافتقاد اللاعب القادر على ربط الوسط بثلاثي الهجوم، ونُلاحظ الآن معاناة صلاح وفيرمينو، في ظل غياب اللاعب المُبدع القادر على ضرب الوسط والدفاع بتحركاته وتمريراته بين الخطوط، الدور الذي كان يقوم به، وخلفه فيه أليكس تشامبرلين، قبل تعرضه لإصابته القاسية، التي يُعاني منها منذ قرابة العام، أما ثاني أفضل اختيار، في حال كانت رغبته الأولى العودة لبلاد الضباب، هو مانشستر سيتي. صحيح الأنباء تتحدث عن وجود اهتمام من قبل مانشستر يونايتد، لكن أسلوب بيب غوارديولا، لن يُساعده فقط على استعادة مستواه المعروف عنه، بل ستظهر بصمات بيب عليه، وما أدراك ما بصمات الفيلسوف على هكذا مواهب، والشيء المهم، أن سيخوض تجربة مع مشروع في أوج لحظاته، فقط سيحل محل الإيقونة دافيد سيلفا بعد رحيله المنتظر الموسم المقبل، ويبقى الخيار الأخير، المفاضلة بين باريس سان جيرمان ويوفنتوس، هذا إذا لم تكن لديه نية العودة لإنكلترا، ففي عاصمة الضوء، سيكون قطعة ثابتة جديدة في أحدث محاولات كسر عقدة كأس دوري أبطال أوروبا، المُستعصية على ناصر الخليفي، ومع البانكونيري، قد يَخلف ميراليم بيانيتش إذ صدقت التقارير التي تتحدث عن إمكانية انتقاله لريال مدريد، ليحل محل لوكا مودريتش.
ماني أم هازارد أم صلاح؟
بالنسبة لريال مدريد، فكان لنجومه نصيب الأسد في «البروباغندا» الإعلامية الأخيرة على الصفقات المتوقعة في الميركاتو الصيفي، بالكاد كانت الصحف والمؤسسات الإعلامية تُحّدث الشائعات حول مستقبل نجوم الريال المُنتظر رحيلهم أو المُترقب وصولهم على رأس الساعة، لاستغلال شغف جماهيره العريضة، لمعرفة كل شيء عن مشروع زيدان الكبير، وكما تابعنا، بدأت فترة «ركود الفيفا»، بأنباء تتحدث عن رغبة قلب الدفاع رافاييل فاران في الرحيل في أقرب فرصة، لشعوره بأنه لم يَعد لديه ما يُقدمه للوس بلانكوس، وحاجته لخوض تجربة جديدة، فضلاً عن قائمة ضحايا مذبحة الصيف، في مقدمتهم أسماء بحجم توني كروس ولوكا مودريتش وسيرخيو راموس وغاريث بيل وآخرين، لكن أكثر من توقف عنده المتابعون والنقاد، ما قيل عن رغبة زيدان الشخصية في شراء مهاجم ليفربول ساديو ماني، مع التأكيد أنه مُعجب بالدولي السنغالي منذ أن شاهده على أرض الواقع في المباراة النهائية لدوري أبطال أوروبا، التي سجل خلالها ماني هدف الريدز الوحيد، وأنه كان يُخطط لضمه في الصيف الماضي لولا قرار استقالته المفاجئ، وهذا عكس ما كان يتردد في الأشهر الماضية، عن الاهتمام الكبير بالبلجيكي إيدين هازارد والفرعون محمد صلاح، ولأن مصدر المعلومة برنامج «الشيرنغيتو»، صاحب السبق في كثير من الأحداث، لعل أشهرها الانفراد بخبر رحيل رونالدو الصيف الماضي.
وخبر عودة زيزو الأخيرة، فهذا يعني أنها ليست مُجرد شائعة كمئات الشائعات التي نتجاهلها يوميا، وبالتبعية يجعلنا نتساءل: لماذا ينحاز زيزو لماني أكثر من صلاح وهازارد؟ بعاطفتنا العربية وبالذات المصرية، قد نُشكك في انحياز زيدان لماني على أقرانه، لكن بالنظر للموضوع بعمق أكثر، سنلمس مكر ودهاء المدرب الفرنسي. نعرف جميعا، أن إنفاق المال في المكان الصحيح في المشروع الجديد، سيكون محسوبا بـ»الورقة والقلم»، ليس لبخل وتقشف الرئيس أكثر من تدقيق اليويفا في قواعد اللعب المالي النظيف، وبالنظر للصفقة الأغلى في الثلاثة، فبالتأكيد صلاح، الذي قد تزيد تكلفة نقله للبيرنابيو أكثر من 250 مليون يورو، شاملة راتبه السنوي على مدار ست مواسم، كما يفعل دائما فلورنتينو بيريز، وهذا في حد ذاته، يجعله أقل حظا من ماني وهازارد، وهنا نتوقف عند المفاضلة… أيهما أفضل لريال مدريد في فترة الانتقالات الصيفية المقبلة؟ بلغة الأرقام والحسابات، في أسوأ الظروف، لو وافق النادي اللندني على بيعه نجمه الأول في فصل الصيف، فلن يقبل بأقل من 100 مليون جنيه إسترليني على أقل تقدير، علما، أن هذا السيناريو، يبدو صعبا، في ظل العقوبة المفروضة على البلوز، بتعليق الصفقات الجديدة الموسم المقبل، وهذا الأمر أكده اللاعب الشاب كالوم هودسون أودي، باعتراف واضح وصريح، مفاده باختصار شديد، أن الحسناء الروسية مارينا غرانوفسكايا، المديرة التنفيذية لتشلسي، أبلغت الجميع، بأن النادي اتخذ قرارا بالإبقاء على كل اللاعبين، خصوصا عناصر قائمة الفريق الأول حتى انتهاء فترة العقوبة المفروضة عليهم، بعدم ضم لاعبين جُدد في فترتين انتقالات.
بالورقة والقلم
وبحساب 100 مليون + راتب هازارد يُقدر بنحو 18 مليونا، على اعتبار أنه يتقاضى الآن 14 مليونا في «ستامفورد بريدج» بدون المكافآت، في النهاية، ستبلغ تكلفة نقله 190 لـ195 مليونا. أما أسد التيرانغا، فسعره السوقي الآن، بعد انفجار موهبته التهديفية على طريقة صلاح الموسم الماضي، بتسجيل 20 هدفا في كل المسابقات حتى الآن، نفس عدد أهدافه في أفضل مواسمه من حيث الأهداف، الموسم الماضي، فوصلت قيمته لـ120 مليوناً، بحسب موقع «ترانسفير ماركت» وأغلب المصادر المتخصصة في تقييم أسعار اللاعبين، وربما إذا تعنت ليفربول ورفض البيع، سيضطر بيريز لدفع 10 أو 20 مليونا أكثر، أضف إلى ذلك راتب يُقدر بنحو 14 أو 15 مليونا للاعب، في 6 سنوات، ستكون المحصلة في الأخير حوالي 220 لـ225 مليونا بنفس العملة، لكن، لا ننسى أنه مرتبط بعقد مع الريدز حتى منتصف 2023، على عكس هازارد، الذي سينتهي عقده مع تشلسي العام المقبل، لذا، ليس من المُستبعد أبدا، أن يكون الرجل الفرنسي يُفكر في ضرب عصفورين بحجر واحد، باعتباره سيُضحي هذا العام بمبلغ أكبر، لكنه في العام التالي، سيوفر الـ100 مليون الخاصة بالتوقيع مع هازارد، بعد انتهاء عقده في إنكلترا، هذا من الشق المالي. أما الناحية الفنية، فيُمكن القول أن الريال في أمس الحاجة للاعب ذي مخالب في الثلث الأخير من الملعب، لسد الفراغ الكبير الذي تركه رونالدو بعد رحيله، والإحصائيات الخاصة بماني، تؤكد أنه يسير على الطريق الصحيح في تطوير نفسه أمام المرمى، يكفي أنه بات من القلائل الذين يُقال عنهم «مهاجما قادرا على تسجيل 20 هدفا أو أكثر في الموسم»، صحيح هو ليس بالمهاجم طويل القامة مثل صاروخ ماديرا، لكنه يملك كل المقاومات اللازمة للمهاجم العصري، القادر على خلخلة الدفاع بحلوله الفردية المتنوعة وتعاونه مع زملائه المهاجمين، ونُلاحظ أنه بدأ يتخلص من «الأنانية» التي كانت تعيبه في السابق، وما يُقدمه من مباراة لأخرى في الآونة الأخيرة، يثبت أنه وصل بالفعل لقمة نضجه كلاعب متوهج في الثلث الأخير من ملعب الخصوم، أما دور هازارد، فيُمكن أن يؤديه غالاكتيكوس المستقبل فينيسيوس جونيور، أو إيسكو، الذي سيعود للحياة مرة أخرى بعودة زيدان. وبوجه عام، في ظل وجود مارسيلو وريغيليون وفينيسيوس وإيسكو وفاسكيز وبقية الشباب، يبدو وكأن الريال ليس بحاجة لدماء جديدة في الناحية اليسرى، سواء دفاعيا أو هجوميا، فقط يحتاج نوعية المهاجم، القادر على الاختراق من العمق والتعامل مع العرضيات داخل منطقة الجزاء، كما يتقمص رونالدو دور الإجادة في الأوقات الصعبة مع زيدان، والدليل على ذلك، الضجة التي أثيرت في آخر ساعات العطلة الدولية، عن استعداد بيريز للدخول في مفاوضات مع ناصر الخليفي، للتوصل إلى اتفاق حول قيمة انتقال مبابي للميرينغي، بزعم أن اليافع الفرنسي، تحدث مع زيدان في مكالمة هاتفية، وأخبره برغبته في العمل معه في العاصمة الإسبانية، والأدهى، ما قيل عن استعداده للتحدث مع رئيس النادي الباريسي، كنوع من أنواع التمهيد، قبل طرق باب المفاوضات الرسمية.
بصرف النظر عن صحة ما تردد عن مكالمة زيدان ومبابي، فالواقع يقول: أنه على طريقة «مُجبر أخاك لا بطل»، سينصب تركيز زيدان في المقام الأول، هو حل معضلة وأزمة «العقم التهديفي»، بعدها سيأتي الدور على بقية المشاكل المُمكن حلها بأقل التكاليف، التجارب أثبتت أن بنزيمة ليس بالمهاجم السفاح، القادر على تَحمل مسؤولية الهجوم بشكل دائم، ربما يتألق بشدة في مباراة أو اثنتين أو ثلاث، لكن مع أول هبوط في الأداء، يختفي تماما، ويكفي أن هجوم الريال، يبصم على موسم للنسيان، بتسجيل 24 هدفا أقل من برشلونة، الأمر لا يحتاج تفكيرا أو اجتهادا في التحليل، تقريبا نسبة الأهداف التي كان يصل لها الدون في الليغا في هذا التوقيت كل موسم، فهل سيجد زيدان ضالته في مبابي أم ماني، أم يُفكر في الاثنين معا لضمان تعويض نسبة أهداف رونالدو، باعتباره كائنا فضائيا من الصعب تعويضه بصفقة واحدة؟ هذا ما سنعرفه بعد انتهاء الأسابيع العشرة المتبقية للملكي في الليغا، وإلى أن تأتي لحظة الحقيقة ويُعلن ريال مدريد عن اللاعب «الغالاكتيكوس» المُنتظر.
من المهم التنويه أن موقع رِواق يحترم حقوق النشر ويبذل قصارى جهده لتحديد أصحاب الحقوق في المنشورات او الصور ومقاطع الفيديو أو غيره مما يصل الينا، وفي حال أنكم وجدتم أن لكم صورة او فيديو او منشورا تمتلكون حقوقا فيه، فيرجى الاتصال بنا للتوقف عن استخدامها عبر الخاص في هذه الصفحة أو [email protected] حسب قانون 27 أ(סעיף 27א לחוק זכויות היוצרים)
التعليقات