| 21 تشرين ثاني 2024 | 19 جمادي الأول 1446 هـجرية
  
  
  
الفجر
الشروق
الظهر
العصر
المغرب
العشاء
الخميس - 01 كانون ثاني
0/0
الخميس - 01 كانون ثاني
0/0
الخميس - 01 كانون ثاني
0/0
الخميس - 01 كانون ثاني
0/0
الخميس - 01 كانون ثاني
0/0

خاص – أكبر أسيرة "استضافتها" سجون الاحتلال تصف الحياة بشبيه "غوانتنامو"

  2019/03/25   10:18
   غزة - رواق
شارك الخبر مع أصدقائك
طباعة
أضف تعقيب

هي أكبر أسيرة فلسطينية استضافتها سجون الاحتلال الإسرائيلي عمرًا، وبالطبع بأسوأ وأقسى الأساليب، دخلت السجن وعمرها 58 عامًا وخرجت بعد عامين بعمر الستين بقلب أحرقته محطات ومواقف تعذيب نفسي وجسدي تعرضت لها خلال تنقلها بين زنازين السجون، قابلت فيها ابتسام عيد موسى أسيرات معذبات واطّلعت على معاناتهن  في سجن أقل ما وصفته بأنه "سجن غوانتنامو".

ابتسام وهي أم لسبعة من الأبناء نالت حريتها في 13 مارس الجاري من سجن الدامون الاحتلالي إلى مسقط رأسها في قطاع غزة، لكن شواهد السجون البشعة رافقتها في حريتها المنقوصة، فنقلتها بكل ألم في حوار خاص مفصّل مع موقع "رِواق".

المحررة ابتسام وخلال حوارها بكت أكثر ما بكت على الأسيرات أمهات الشهداء اللواتي التقت فيهن في السجون، واللواتي تلقيْن نبأ استشهاد أبناءهن داخل السجن، كما أبكاها أعياد الأسيرات خاصة يوم الأم الذي يحيينه في هذه الأيام بالدموع والحديث عن ذكريات هذا اليوم في حرية ضائعة.

س: في بداية الحوار سألنا ابتسام موسى وهي من سكان مدينة خانيونس جنوب قطاع غزة، عن سبب وكيفية اعتقالها؟
اعتُقِلتُ في تاريخ 19 أبريل عام 2017 على حاجز بيت حانون/إيرز شمال القطاع أثناء مرافقتي لشقيقتي المريضة بالسرطان في رحلة علاجها إلى مستشفى المطّلع بالقدس، حيث تم خلال تفتيش حقائبي اتهامي بأنني أحمل متفجرات، فقادوني لغرفة التحقيق في الجانب الإسرائيلي من المعبر ولم يجدوا نتيجة تُرضيهم في التحقيق فاعتقلوني وحولوني إلى التحقيق في سجن "عسقلان".

س: كيف تصفين رحلة اعتقالكِ وتحديدًا فترة التحقيق كم كانت مدتها؟
بقيت في تحقيق عسقلان 27 يومًا، ولا أبالغ حينما أقول أنها كانت أسوأ مرحلة عشتها خلال فترة اعتقالي، ففيها تعرضت لضغوطات نفسية وجسدية، ولم أكن أعرف طوال هذه الأيام نهاري من ليلي وكنت أصلي "على التواكيل" خمس صلوات، كانوا يُبقونني على كرسي التحقيق أكثر من 10 ساعات مكبلة ويدخل عليّا حوالي 10 محققين في الساعة الواحدة، وكل محقق يشتمني ويعاملني بأسلوب أوقح وأقذر من الآخر، في التحقيق تتمنين الموت في كل لحظة.

س: ما هي أساليب التحقيق التي تم اتباعها معك، وهل تعرضتي للتعذيب؟
لم يكن تعذيب فقط، بل كان تهديد وشتم وسب بأنبذ الألفاظ، هددوني بقصف بيتي وقتل أبنائي، ووصل بهم الحد إلى تهديدي بإحدى بناتي،، أنا طبعًا زوجت كل أبنائي باستثناء ابنتيْن تدرسان في الجامعة، وخلال التحقيق عرضوا لي صور لمنزلي وصور لابنتي وحسابها على الفيسبوك، وكان يستفزني المحقق بها وينعتها بأسلوب قذر وألفاظ نابية، حينها لم أسكت لهم ورددت عليهم وحينها كنت قد تيقنت أنني ما دمت اعتُقلت فلزم عليّا أن أتحمل كل ما هو فوق طاقتي وفوق ما يتصوره أي بشر.

وآخر أسبوع لي في زنزانة عسقلان بقيت فيها دون أن أرى أو أكلم أي بشر، حتى المحققين انقطعوا، وكانوا يضعون الطعام لي من تحت باب الزنزانة، كان طعام سيء شريحة طماطم مع أرز مطبوخ منذ مدة وبطريقة مقززة، وبقيت طوال الـ27 يومًا بنفس الجلباب والمنديل، لأن الزنزانة كانت مراقبة بكاميرا وما كنت لأكشف نفسي، نزل وزني كثيرًا وتعبت نفسيًا.

س: ما نتيجة التحقيق معك في تحقيق عسقلان، ولماذا تمت محاكمتكِ؟
لم تكن أي نتيجة سوى الألم لي أما هم فبكل وسائلهم التي استعملوها معي لم يخرجوا معي بأي كلمة تحت كل الضغوط، لأنني في نهاية التحقيق تم وضع جهاز فحص الكذب على جسدي، أسلاك على قلبي وأذني ورأسي وعلى كرسي اعتراف، وكان يقول لي المحقق أنتِ كذابة، وفي النهاية قلت لهم أجهزتكم هي الكاذبة، حتى أنهم حينما فقدوا الأمل حاولوا استدراج أختي المريضة التي أرجعوها لغزة ومنعوها من الخروج للعلاج، بمكالمات أوهموها أنني أريدها أن تأتي لزيارتي لإحضار ملابس لي، وبالفعل بعد محاولات توجهت لحاجز إيرز، ولكن هناك حذرها الجانب الفلسطيني من أن هذه عملية اعتقال واستدراج لها، فعادت لغزة قبل أن تعبر الجانب الإسرائيلي.

نقلوني بعد الـ27 يومًا إلى سجن "هشارون" وبقيت فيه تقريبًا شهر ونصف وفيه استطعت أن أرى بشرًا أتحدث معهم فالتقيت بأسيرات هناك، ثم نقلوني إلى سجن الدامون.

س: كيف هي حياة الأسيرات في سجن الدامون؟
كان الله بعونهن، حياة بائسة، انعدام لأدنى حاجة الإنسان، الأكل النظيف الشمس الراحة، كلها أمور تفتقدها كل أسيرة، والرطوبة في كل مكان بالسجن، ومدة الفورة قليلة جدًا، وإذا ما أرادت الأسيرة مراجعة العيادة تذهب وتعود مكبّلة، وهناك عدد من الأسيرات بحاجة لعمليات طارئة فورية، لكن يتم تحديد مواعيد علاج لهّن كل أشهر، وعلاج فقط وليس بالوجه المطلوب.

أكثر ما أوجع قلبي أمهات الشهداء، تأتي الأم فور استشهاد أو اعتقال ابنها قبل أن تتلقى استشهاده في السجن، التقيت بوالدة الشهيد أشرف نعالوة وهي أكثر من أحرقت قلوبنا جميعًا لأن ابنها استُشهد وبيتها هُدم وهي داخل السجن، لم نكن نستطع إخبارها بنبأ استشهاده بعد أن استمعناه عبر الإذاعة، لم يكن هناك طريقة تخفف عنها، وكانت كل يوم ترى ابنها في منامها، حتى بعد استشهاده لم تصدق وكانت تطلب رؤيته واحتضانه أو وداعه، كما التقيت بوالدة عاصم البرغوثي ومحمد غنّام.

س: ماذا بخصوص زيارات الأسيرات، هل كانت الزيارة تتم على ما يُرم؟
لا بالطبع، كنت أرى الأمهات وأطفالهن وقت الزيارة يتحدثون وبينهم حاجز زجاجي، وأصعب من التقيتُ هي الأسيرة نسرين أبو كميل وهي أم لطفل يبلغ من العمر ستة شهور وهي محكومة ست سنوات، وهي ممنوعة من الزيارة، كانت حزينة جدًا، لا تعرف ولا نعرف نحن كيف سيتعرف عليها ابنها وهو لم يعي أمه منذ الرضاعة، ستخرج من السجن وهو في الصف الأول.

كنت أستمع لإذاعة صوت الأسرى وكان الأطفال ينادون أباءهم وأمهاتهم بصرخات مؤلمة، كانت الموجة الإذاعية من أشد اللحظات ألمًا على الأسيرات، كانت أصوات الأطفال أكثر ما يحرق قلوبنا، وأحرقت قلبي الطفلة حلا ابنة الأسير حسام الزعانين حينما تنادي والدها: "يا روح السمرة يابابا ياحبيب السمرة يابابا تعال ولم أغراضك وعد إلينا".. كنا أبكيها بحرقة.

كيف تمرّ الأعياد والمناسبات على الأسيرات، صفِ لنا لحظاتهن خاصة يوم الأم الذي يمرّ عليهن هذا الشهر؟
في الأعياد كنا نجهز احتفالاً نوهم نفسنا بأننا ندخل الفرحة على قلوبنا، وهذا كان هدفه قهر السجان وكنا نكبّر في الأعياد ونضحك ونلبس، لكن كله كلام فارغ، ما في فرحة في قلوبنا، كنا نحزن على أصحاب المحكوميات العالية كيف لهم أن يقضوا كهذه المناسبات طوال العمر في السجن.

أما يوم الأم فكان يوم البكاء السنوي، كل أم تبكي وتحكي عن مواقف وذكريات لها مع أولادها في هذا اليوم قبل الاعتقال، وعن الهدايا التي كانت تتلقاها كل واحدة منا والمواقف الحلوة والمضحكة لأطفالهن فيه.

رغم أننا نتحدث عن سجن، لكن هل هناك مواقف حلوة للأسيرات داخل السجون تخفف عنهن؟
نعم موقف واحد يتيم، وهو لحظة الإفراج عن أسيرة من السجن، كنا نشاركها فرحتها باحتفال وكأنها فرحتنا الكبرى، كان الأمل يتجدد فينا في كل مرة تخرج فيها أسيرة بأن باب السجن انفتح لأحد، فنستبشر بالحرية، وخلال فترة اعتقالي خرجت حوالي 15 أسيرة، لكن للأسف يأتي غيرّهن من المعتقلات الجدد.

أخيرًا متى وكيف هي لحظات الإفراج عنكِ، هلّا تصفينها لنا؟
انتهت محكوميتي وخرجت وكان الإفراج أيضًا فيه رحلة عذاب، خاصة حينما أخرجوني من الدامون وهو سجن بعيد في جبل الكرمل أقصى الشمال وكانت المسافة بعيدة؛ كان الإفراج عني يوم الخميس 14 مارس وأخرجوني إلى سجن هشارون في 13 مارس عبر "البوسطة"، وهي وحدها مأساة كبرى، يكفي أن ترافقني الكلاب في صندوق حديدي مغلق كتابوت الموت وينهش جسدي حديده، ثم بقيت في الزنزانة يوم كامل حتى حان الصبح وتم نقلي إلى سجن عسقلان وبقيت فيه أربع ساعات ومنه عبر "البوسطة" إلى معبر "إيرز" وبقيت فيه ساعة كاملة والأهل ينتظرونني، وكانوا قلقين من تراجع سلطات الاحتلال عن اطلاق سراحي بحكم التجربة.

لكن حينما رأيت النور ووقفت على أرض غزة وأتنفس هواءها كان الأمر كالحلم بالنسبة لي، لم أكن أشعر بنفسي إلا حينما احتضنت أبنائي وأهلي وأحبابي، كان استقبالًا حافلًا جميلاً لكنه ناقص طالما لم تهنأ به أسيرة أو أسير في السجون، فمن تجربتي تيقنت أن نعمة الحرية والحرية فقط هي أكبر نعمة ينعم بها الإنسان.

في نهاية حديثها أشارت المحررة موسى إلى أن سلطات الاحتلال وأثناء محطات خروجها من السجن إلى غزة تم تفتيش كافة أغراضها ومصادرة كل متعلقاتها وهداياها ودفاتر ذكرياتها التي خطّت لها الأسيرات فيها كلمات للذكرى، بالإضافة إلى مشغولات يدوين كانت قد أعدتها هدايا لأبنائها، وهي هنا ورغم غصة في قلبها عليها استدركت حديثها بالقول "كله يهون مقابل الحرية".

 


من المهم التنويه أن موقع رِواق يحترم حقوق النشر ويبذل قصارى جهده لتحديد أصحاب الحقوق في المنشورات او الصور ومقاطع الفيديو أو غيره مما يصل الينا، وفي حال أنكم وجدتم أن لكم صورة او فيديو او منشورا تمتلكون حقوقا فيه، فيرجى الاتصال بنا للتوقف عن استخدامها عبر الخاص في هذه الصفحة أو [email protected] حسب قانون 27 أ(סעיף 27א לחוק זכויות היוצרים)

لإضافة تعقيب الرجاء تعبئة البيانات

أضافة

التعليقات