امريكا اليوم ورئيسها ترامب ليست هي امريكا الامس ،حين كان رئيسها أوباما .
ولم يكْ مجئ ترامب للرئاسة تعبيراً وحيد وصادق عن ارادة الشعب الامريكي ، وانما كان تعبيراً ايضاً عن ارادة لوبيات فكرية وعنصرية وسياسية أمريكية وخارجية، وهذا الامر لايزال محط تساؤلات وأجراءات سياسية وقضائية . بعبارة أوضح قولاً واسرعُ إدراكاً وفَهماً، جاءَ ترامب لأجل تنفيذ اجندات وتصفية حسابات وأنجاز صفقات، وقد وفى، على ما يبدو، بتعهداته تجاه أتباعهِ بتبني شعار امريكا اولاً وسياسات انعزالية وجلب الأموال والاستثمارات وتقليل نسب البطالة، وتجاه خصومه واصدقاءه ،من خلال سعيّه لتصفية القضية الفلسطينية وحل القضية الاسرائيلة والتحشيد ضد ايران والسعي لجعلها العدوفي المنطقة بدلاً من اسرائيل.
من عجائب وغرائب السياسة الأمريكية تبني وفرض فكرة أنَّ امن اسرائيل وأمن بعض الدول العربية هو جزء من أمن الولايات المتحدة الامريكية ورفض فكرة أمن مُتبادل ومشترك بين دول منطقة الشرق الأوسط، اي، المُغالاة في توظيف مبدأ المصلحة السياسية ،وعلى حساب القواعد الأخلاقية والقانونية والشرعية، وإلغاء مبدأ الجغرافية السياسية وحتمية اثارهِ، اوتوظيفه للاحتراب بين دول المنطقة .
لم تتوقفْ أنجازات ترامب لإسرائيل ولنتنياهو، أبتداءاً من الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، ومروراً بمسعاه لصفقة القرن والتطبيع ، ووصولاً اليوم الى موقف الاعتراف بسيادة اسرائيل على هضبة الجولان المحتل .
هذه هي الخطوات التي رسمتها الاستراتيجية الامريكية للمنطقة بعد مرحلة توظيف الارهاب ، ويبدوتطبيقها ليس مرهوناً بأنتصار الارهاب اوفشله في هذا اوذاك البلد ، المهم أنَّ الارهاب قد ادّى مفعوله وترك اثاره في العراق ولمدة اكثر من عقد من الزمن ، وفي سوريا ولمدة ٧سنوات ، وفي ليبيا وفي دول اخرى .
فشل الارهاب في اسقاط النظام السياسي الجديد في العراق ، وفشله في اسقاط النظام في سوريا وتفتيت الدولة السورية لن يحول دون الارادة الاسرائيلة الامريكية في المضي قُدماً في توسّع اسرائيل ورسم حدود جديدة لها بضم الجولان لسيادتها ، مع بدء الخطوات الامريكية للاعتراف بسيادة اسرائيل على الجولان وبحدودها الجديدة .
مَنْ مِنَّا يعرف أين تقف حدود اسرائيل ؟ وإِنْ وجّهت السؤال الى أسرائيليين عن حدود اسرائيل ، لا تحصل على أجابة موّحدة ؟
مَرّد عُجالة امريكا في الاعتراف بالسيادة الاسرائيلة على هضبة الجولان المحتل لا يقتصرُ فقط على رغبة الرئيس ترامب في دعم نتنياهوفي الانتخابات الاسرائيلية القريبة القادمة ، وانما يتعداه الى أسباب جوهرية أخرى :
أول الاسباب ، هوالسعي الى تعزيز اسرائيل سياسياً ، بعد فقدانها لعنصر احتكار قوة الردع في المنطقة ،ما فقدته اسرائيل عسكرياً ينبغي تعويضه سياسياً .
فشل الارهاب في اسقاط النظام في سوريا ينبغي تعويضه بنجاح سياسي استراتيجي لحساب اسرائيل ، والاعتراف ، ومن قبل امريكا ، بسيادة اسرائيل على الجولان هوالتعويض المُقابل .
امريكا تُبّرر اعترافها بسيادة اسرائيل على الجولان بحاجة اسرائيل لتعزيز أمنها القومي ، وبحجة وجود مقاتلي حزب الله ومستشاري الحرس الثوري الايراني وبخطة سوريا لتنظيم ودعم مقاومة في هضبة الجولان المحتل .
الرئيس ترامب ونتنياهويدركان جيداً بأن ظروف المنطقة والعرب يوفران الفرصة المناسبة لاتخاذ كلُ ماهوفي مصلحة اسرائيل ، دون أعتبار للقوانين الدولية اوالشرعية الدولية اوقرارات مجلس الامن وهيئة الامم المتحدة ، وقد اعتادا العالم الحر والمنظمات الدولية على التعايش مع التجاوزات الامريكية .
ترى اسرائيل انها امام فرصة القرن ولن تكتفي بصفقة القرن فيما يخص فلسطين .
اعتراف امريكا بسيادة اسرائيل على هضبة الجولان المحتل اهم بكثير من ما مضى .
سفير سابق لدى جمهورية العراق
من المهم التنويه أن موقع رِواق يحترم حقوق النشر ويبذل قصارى جهده لتحديد أصحاب الحقوق في المنشورات او الصور ومقاطع الفيديو أو غيره مما يصل الينا، وفي حال أنكم وجدتم أن لكم صورة او فيديو او منشورا تمتلكون حقوقا فيه، فيرجى الاتصال بنا للتوقف عن استخدامها عبر الخاص في هذه الصفحة أو [email protected] حسب قانون 27 أ(סעיף 27א לחוק זכויות היוצרים)
التعليقات