تصنّف اسرائيل العرب في الداخل الفلسطيني بأنهم "فقراء الدولة" وهي في هذا التصنيف تمنح أهالي معظم بلداتهم بعضًا من الأجور مقابل أثمان غالية يدفعونها من أعمارهم وصحتهم واقتصادهم وقبل كل هذا أراضيهم، وفي "الكسارات" المقامة على حدود العشرات من البلدات العربية تجسيد لهذه النظرية.
هذه "الكسارات" التي يمتد تاريخها منذ ما بعد عام النكبة وترافق مخاطرها إلى اليوم المواطن العربي، لم يرُق للدولة أن تًبقيها على ما هي، وهي لهذا وضعت مخططات لتطوير المخطط الأم "تاما14" عبر تفرّع مخططي "تاما أ" الذين تم تنفيذه وحاليًا "تاما 14ب" الذي ينص على تطوير أكثر من 15 كسارة مقام معظمها في مناطق الشمال والجليل.
المخطط القطري تاما 14ب المنبثق عن المخطط الأم، يهدف لتوسيع الكسارات والمقالع وإقامة منشآت جديدة، عبر جرف التراب واستخدامه في انتاج الإسمنت وهو يستهدف الأراضي العربية بشكل واضح.
وفي أحاديث منفصلة لموقع "رِواق" أكد مسئولون وقيادات لها باع طويل في مواكبة مخططات الكسارات ومواجهتها، أن اسرائيل تنوي إقامة كسارات جديدة وإضافة أخرى على الموجودة في بلدات منها: طرعان، طمرة، وسخنين وأخرى مجاورة.
موافَق عليها وتجمدها الاعتراضات
مدير عام المركز العربي للتخطيط البديل سامر سويد قال: "إن الدولة وضعت مخططات وتم الموافقة عليها في أربع مواقع لكسارات من أجل تطويرها وتوسيعها على حساب زيادة مصادرة أراضي عربية".
أضاف "أن من بين هذه المواقع كسارة طرعان وطمرة وموقع أخر في منطقة مرج بن عامر سيتم فيه مصادرة أراضي تابعة لأهالي الناصرة".
أضاف أن معظم الكسارات وإن كانت تتركز في الجليل وعدد المُراد توسيعها يصل لما يزيد عن 12كسارة، إلا أن معظم ما سيتم توسيعه يقع في منطقة النقب".
قال عنها "هناك مواقع تم الموافقة عليها فعليًا لكن وبسبب الاعتراضات والمحاكم فهي مجمدة التنفيذ حاليًا".
المخطط يمنح شركة "نيشر" الاسرائيلية الربحية أفضلية غير قانونية في فحص ووضع اليد على أراضي خاصة تابعة لمواطنين عرب، بغية السيطرة عليها لجني الأرباح عبر تطوير الكسارات المقامة".
واستشهد المسئول في مركز التخطيط البديل بتوسيع كسارة طرعان، مؤكدًا أنه يضر ببناء أحياء جديدة فيها كما أنه يقضي بإقامة كسارة جديدة بمحاذاة "عيلبون".
سويد قال: "إن مخطط -تاماب- تم إفشاله سابقًا لكن النية لا تزال موجودة عند الدولة لإقامته وهو ما سيجلب المزيد من المخاطر البيئية والصحية".
وبالإضافة إلى أن توسيع هذه الكسارات يقلل من إمكانية التوسع الذاتي للمواطنين العرب، فإنه يعني إخلاء بلد كاملة أولاً ومصادرة أراضي ثانيًا، كما يؤكد سويد، ويدعم توجهه هذا بكر عواودة المسئول في مركز العدل البيئي المنبثق عن مركز أبحاث الجليل.
أفاتها للعرب والأرنونة لليهود
عواودة قال في حديثه لـ"رِواق": "إن الكسارات الإسرائيلية تاريخيًا هي امتداد لسياسات السيطرة على حدود البلدات العربية لمنع تمددها".
وتطرق لتعامل اسرائيل التصنيفي مع سكانها كدولة، قائلًا: "هناك سكان أغنياء وأخرين فقراء بالنسبة لإسرائيل، وبالطبع الأغنياء وهم اليهود قادرين على منع أي شيء يضرهم إذا ما أرادت الدولة تنفيذه، وبالتالي فإن الأسهل بالنسبة لها لإقامة هذه الكسارات ذات المخاطر البيئية والآفات عند الفقراء، لهذا تتركز جميعها على حدود القرى العربية".
وحسب عواودة، فإن 79% من الكسارات موجودة في الجليل، وهي أصبحت تشكل آفة بيئية خطيرة، لكن المستفز في القضية أن العرب يجنون كل هذه المخاطر، فيما تعود ضريبة الأرنونا من هذه الكسارات إلى المجالس الإقليمية اليهودية".
تطرق إلى مخطط "تاما14" وقال: "هي خطة وطنية وضعها المجلس القطري للتنظيم والبناء وجرى بحثه مرارًا عبر لقاءات عديدة، وفي المقابل أجرى مركز التخطيط البديل لقاءات مضادة معنا ومع العديد من الجهات لمواجهة هذا المخطط التوسعي".
توسيع كسارات مقامة
من بين الكسارات التي يشمل المخطط توسيعها كسارة طرعان والتي يشمل التوسيع اياها من كل الجهات بالإضافة لحفر في باطن الأرض، وكسارة طمرة ويقضي المخطط فيها بتمديد عمل القائمة والتخطيط لإقامة كسارة جديدة من الناحية الغربية وكساراتان جديدتان بمحاذاة منطقة النفوذ"، كسارة عيلبون والتي تشمل توسيعا باتجاه البلد للكسارة المخططة، وكسارة وادي عارة التي سيتم توسيعها تجاه أم القطف وكفرقرع وعرعرة، وكسارة بئر المكسور التي يستهدفها التوسع من الشمال وحفر تجاه البلد.
أما "كسارة كسيفة" في النقب فيلتهم المخطط النقب بلدتي الزعرورة وغزة بمحاذاة الكسيفة والفرعة وقطمات والمطهر، وفي النقب أيضًا سيتم توسيع كسارة عرعرة-النقب وكسارة الدريجات وكسارة كحلة.
كل هذا التوسع يتم وسط هوان النضال تجاه هذه الكسارات، بل إن بعض ممن يتضررون منها هم يحرسونها في ذات الوقت ليلًا لأنها أصبحت مصدر دخل لهم، وهنا نتحدث عن مخاطر مزدوجة لها.
هوان النضال تجاه الكسارات من جانب السلطات المحلية العربية يعود لعدة أسباب سرد منها عواودة "أنها أصبحت أمرًا واقعًا، ثانيًا أن هناك مئات الكسارات منذ سنين والمشكلة فيها أنها لا تتبع لمجلس بلدي معين، بل ترتبط بعدة وزارات ومؤسسات قد تصل إلى 6 جهات، وهذا ما يصعّب تعقّبها".
يقظة بعض السلطات المحلية تجاه هذه الكسارات تنحصر حاليًا في "المطالبة بنسبة من عوائد الأرنونا التي تجنيها الدولة من هذه الكسارات، والتي تعود كما أسلِف أعلاه إلى المجالس الإقليمية اليهودية"، كما يقول مازن غنايم رئيس اللجنة القُطرية لرؤساء السلطات المحلية العربية سابقا ورئيس بلدية سخنين الأسبق، وهو مرشّح لانتخابات الكنيست عن قائمة "الموحدة والتجمع"، حيث كان له باع في مواكبة مخطط الكسارات.
أفاد في حديثه لـ"رِواق": "الجليل اليوم أصبح مستنقعًا لهذه الكسارات، أصبحنا أمام مستوطنات أكثر وكسارات أكثر ومستوطنين أيضًا ومناطق صناعية في كل قرية ومدينة، وبالطبع السرطان زاد وهذا ليس صدفةَ وإنما نتيجة التلوث البيئي الناجم عنها".
صعوبة المواجهة واضطرار الفقراء
الضرر من هذه الكسارات مزوج وهو بيئي وصحي واقتصادي وأكثرها في طرعان وعرابة ودير حنا وسخنين، وفي مقابل ذلك تتمتع المجالس الإقليمية بعوائد الأرنونة منه.
لهذا-يكمل غنايم- إن المعارضة على هذه الكسارات لم تكن موجودة في السنوات الأولى لإقامتها، نظرًا لأن الناس تعاملوا معها على أنها مصدر دخل، فصفقت لها بسبب البطالة التي كانت مستشرية بين العرب، ولكن لما تطورت أصبحت تشكل أفة بيئية خطيرة.
يُضاف لهذا أن العرب أصبحوا أكثر وعيًا بأن كل مخطط اسرائيلي له أهداف معلنة وأخرى باطنة والأخيرة طبعًا تهويدية ولمصادرة الأراضي ومنع العرب من التوسع.
أما عن المعارضة اليوم فهي باهتة برأي غنايم لسبب "أننا وعمليًا في وضع قانوني صعب، حتى حينما اعترضنا وخضنا نضالًا لم يتم إزالتها".
أشار إلى ذات قول عواودة إلى أن المجالس المحلية كما في طرعان استطاعت أن تحصل على نسبة من عوائد الأرنونا لهذه الكسارات، فيما قدمت أخرى مثل مجلس محلي طمرة طلبًا بالحصول على نسبة ولم يتم اتخاذ قرار فيه بعدْ.
من المهم التنويه أن موقع رِواق يحترم حقوق النشر ويبذل قصارى جهده لتحديد أصحاب الحقوق في المنشورات او الصور ومقاطع الفيديو أو غيره مما يصل الينا، وفي حال أنكم وجدتم أن لكم صورة او فيديو او منشورا تمتلكون حقوقا فيه، فيرجى الاتصال بنا للتوقف عن استخدامها عبر الخاص في هذه الصفحة أو [email protected] حسب قانون 27 أ(סעיף 27א לחוק זכויות היוצרים)
التعليقات